وقد نشر فرويد هذه الحالات الخمس فيما بين سنة 1905 وسنة 1918. ويتضح من قراءة هذه الحالات الخمس تقدم فرويد في شحذ فنيات التحليل في ضوء تجاربه المتزايدة وما وفرته له من أضواء أكثر شمولاً وأعظم نفاذاً من خلال المحاولة والخطأ. ومن أجل ذلك فإن الحالة الخامسة أعنى حالة "رجل الذئاب" أكثر الحالات عمقاً من حيث العمل التحليلي وأفضلها ثراء ...
قراءة الكل
وقد نشر فرويد هذه الحالات الخمس فيما بين سنة 1905 وسنة 1918. ويتضح من قراءة هذه الحالات الخمس تقدم فرويد في شحذ فنيات التحليل في ضوء تجاربه المتزايدة وما وفرته له من أضواء أكثر شمولاً وأعظم نفاذاً من خلال المحاولة والخطأ. ومن أجل ذلك فإن الحالة الخامسة أعنى حالة "رجل الذئاب" أكثر الحالات عمقاً من حيث العمل التحليلي وأفضلها ثراء من حيث المعطيات الناجمة من عمق الفطنة بالبنيان السيكولوجي التحتاني. وغنى عن البيان أن هذه الحالات الخمس اختيرت من بين عشرات الحالات التي قام بتحليلها فرويد وذلك لأسباب تعليمية من ناحية وديؤنثولوجية (واجب السرية) من ناحية أخرى. وأراني مضطراً أن ألح على قضية كررت بيانها في أكثر من موضع، وذلك لما يبدو لي من أن النسيان يغلفها لدى الكثيرين وأعنى بها: أن الحق في إبداء الرأي في مبحث علمي ليس حقاً طبيعياً وإنما هو حق يكتسب، واكتساب هذا الرأي بصدد قضايا التحليل النفسي لا يتم إلا بممارسة ما يمارسه المحلل النفسي محللاً ثم محللاً. ومن أجل ذلك فلن يدهشني أن القارئ المتعجل لهذه الحالات الخمس قد يشيح بوجهه في موضع أو آخر منكراً أو مستنكراً. غير أن نشر هذه الحالات قد يتيح لقارئ متأن بسمة الصمود نعم أقول الصمود إزاء بعض الوقائع التي تستثير قلقاً قد يكون خفياً عتياً معاً، ولكنه مع ذلك الثمن الذي لابد من بذله أن تستحيل لديه المجهلة معرفة.