استشارت الأزمة في كوسوفو العواطف، وفجرت أحلاماً كبيرة من نوع قلما شهدته شعوب العالم، ووصفت الأحداث بأنها "نقطة تحول في العلاقات الدولية" تدشن مرحلة لا سابق لها في التاريخ العالمي، وعهداً جديداً من الاستقامة الأخلاقية التي يقودها "عالم جديد مثالي عازم على إنهاء اللاإنسانية"، بالاستناد إلى هذه المقولات يقول نعوم تشوميسكي بأنه لو ص...
قراءة الكل
استشارت الأزمة في كوسوفو العواطف، وفجرت أحلاماً كبيرة من نوع قلما شهدته شعوب العالم، ووصفت الأحداث بأنها "نقطة تحول في العلاقات الدولية" تدشن مرحلة لا سابق لها في التاريخ العالمي، وعهداً جديداً من الاستقامة الأخلاقية التي يقودها "عالم جديد مثالي عازم على إنهاء اللاإنسانية"، بالاستناد إلى هذه المقولات يقول نعوم تشوميسكي بأنه لو صحت هذه الصورة، بل لو حدت ذرة من الصدق، لكان أمامنا آفاق رائعة. فلو كان للروح "السامية" التي دفعت إلى تحرير كوسوفو أثر من أصالة، أو على الأقصى لو كان القادة يتصرفون فعلاً "باسم المبادئ والقيم" التي هي إنسانية فعلاً كما وردت في التصريحات الواثقة (من فهم فسلاف هافل مثلاً)، لكانت هناك فرص رائعة لوضع القضايا الحاسمة الأهمية على برنامج أهداف العلم الفعلي والفوري.
وفي كتابه هذا يلقي تشومسكي الضوء على الممارسات اللاإنسانية الأميركية والتي دارت في كوسوفو وفي العراق وفي لبنان مفرداً البحث الأوسع لما حصل في كوسوفو، وهدفه في ذلك ليس للإسهام في الجدل حول ما يجب عمله في كوسوفو أو غيرها، أو ما كان من الواجب عمله هنا وهناك، وإنما هدفه هو تفحص البنية التي تتابعت فيها الأحداث، وبما أدت إليه من خسائر بشرية فادحة، وتأمل المضامين المستقبلية المرجحة لما حدث، والصورة التي عرضت فيها الأمور وتفسيراتها، وذلك كله تطلب منه تحولاً جذرياً عن التركيز "الإعلامي" الأحادي على تلك الزاوية الشديدة الاضطراب من البلقان، التي همّشت أموراً أخرى لا تقل عنها أهمية، وسيكون تحوله هذا محصوراً بفئة ضيقة من المشاكل والمهمات الشبيهة كتلك التي حصلت في العراق وفي لبنان وفي فلسطين.