يجب أن يشعر الناس أي قهر نعيش، أية قسوة تمارس علينا تحت شعار الأخلاق والشرف، يجب أن يعرف الناس جميعاً أننا من لحم ودم، وأن من حقنا أن نكون أحراراً وأن نملك حرية التصرف بأجسادنا وحياتنا… طافت هنادي في شوارع مدينة طالما أحستها سجناً كبيراً، بدت لها الشوارع أشبه بحبل، أو طوق، يلف على عنقها يخنقها، كانت تصارع أعداء كثيرين وهي تقود س...
قراءة الكل
يجب أن يشعر الناس أي قهر نعيش، أية قسوة تمارس علينا تحت شعار الأخلاق والشرف، يجب أن يعرف الناس جميعاً أننا من لحم ودم، وأن من حقنا أن نكون أحراراً وأن نملك حرية التصرف بأجسادنا وحياتنا… طافت هنادي في شوارع مدينة طالما أحستها سجناً كبيراً، بدت لها الشوارع أشبه بحبل، أو طوق، يلف على عنقها يخنقها، كانت تصارع أعداء كثيرين وهي تقود سيارتها من شارع إلى شارع ومن زقاق إلى زقاق، وتفجر السؤال المتحدي في نفسها: هل أساس الحياة في هذا البلد أن يقوم بعض الناس بقمع البعض الآخر؟ بثبوت أن حياة العوانس أشبه بباب مقفل، والمفتاح في يد قاسية مستبدة لا تعرف الرحمة. تعبت من التسكع فعادت إلى مختبرها، تحب أن تسمي عيادتها بالمختبر. لم تشعل النور بل جلست على كرسيها الهزاز تتأمل ضوءاً شاحباً لقمر وحيد تسلل من شق الستارة، أضفى الشعاع النحيل ظلالاً ساحرة على الأثاث واللوحات والكتب، وضعت أطروحتها في حضنها وقلبت صفحاتها، ففرت وجوه النساء من الورق، وحفت بها، خلقت حولها دائرة… لا يمكنها الهروب من نظراتهن… بكت لأنها أحست كم هي مخزولة ومهانة ".
تحاول الروائية الكشف عن معاناة العانس وما يعتري هذه الحالة لدى الأنثى من إنهزامات تخلقها مناخات إجتماعية وتقاليد وأفكار تحيط بالعانس لتجعلها إمرأة منغلقة.
تدخل الكاتبة في عمق تلك الحالة مستدرجة تحليلات نفسية من خلال شخصيتها المحورية التي سعت إلى تقديم أُطروحة حول هذه الشرعية الإجتماعية الأنثوية وذلك من خلال تجربة شخصية إستطاعت إستقلالها وتوظيفها لتقديم دراستها في هذا المجال.