وعلى صعيد آخر تابعت الدراسة وسائل التضليل البريطانيَّة, وإثارتها الشكوك في مطالبة اليمن بالمحميات الجنوبية، والتي أصبحت مشكلةً تثار بين الطرفين بين الحين, والآخر حتى منتصف الخمسينات من هذا القرن.ضمَّت الدِّراسة بين دَفَّتيها أربعة فصول, وخاتمة, وعدداً من الملاحق تضمَّنَ الفصل الأول متابعة تطور الأوضاع السياسية في الجنوب اليمنيِّ...
وعلى صعيد آخر تابعت الدراسة وسائل التضليل البريطانيَّة, وإثارتها الشكوك في مطالبة اليمن بالمحميات الجنوبية، والتي أصبحت مشكلةً تثار بين الطرفين بين الحين, والآخر حتى منتصف الخمسينات من هذا القرن.ضمَّت الدِّراسة بين دَفَّتيها أربعة فصول, وخاتمة, وعدداً من الملاحق تضمَّنَ الفصل الأول متابعة تطور الأوضاع السياسية في الجنوب اليمنيِّ حتى عام (1918م)، وجعل البحث الأول فيه للتعريف بمنطقة الجنوب اليمنيِّ, وموقعها الجغرافيِّ، وتقسيماتها الإدارية (عدن- والإمارات الشرقية - والإمارات الغربية) ثم بيان الدوافع الكامنة وراء التوجُّهات البريطانيَّة في المنطقة, وما نتج عن ذلك من احتلال عدن في (19 كانون الثاني 1839م)، كما أظهر الفصل ردود الفعل لسلاطين لحج, ومحاولاتهم الثلاث في استعادة مدينة عدن, كما تابع أساليب الإدارة البريطانيَّة في أبرام معاهدات الصداقة والحماية مع أمراء, وسلاطين, ومشايخ الجنوب اليمنيِّ، ثم التعرض إلى إيضاح مشكلة الحدود الجنوبية والنزاع العثماني – البريطانيِّ حتى عام (1918م).أما الفصل الثاني؛ فقد أبرز تطورات السياسية البريطانيَّة في الجنوب اليمنيِّ في أعقاب توقيع هدنة (مدروس Mudrus) وانسحاب العثمانيين من سلطنة لحج, وعموم الجنوب اليمنيِّ بين عامي (1918-1932م)، كما أوضح أسس مطالبة الإمام يحيى بتلك المناطق، وسياسة بريطانيا في تضليل الرأي العام بتلك المطالبة مستندةً على ماحصل من اتفاق بشأن تخطيط الحدود مع العثمانيين عام (1905م).وفي ضوء تنامي القوة الإيطاليَّة في المنطقة أرسلت بريطانيا بعثاتها إلى إمام اليمن بقصد ضمان مصالحها في المحميات الجنوبية، إلا أنَّ تلك البعثات فشلت في مهامِّها، وعادت منطقة الحدود الجنوبية إلى حالة التوتر ثانيةً ممَّا دعا إلى إعادة تنظيم إدارة الدفاع عن عدن, والمحميات بسبب المشكلات التي واجهتها في الجنوب اليمنيِّ بين عامي (1928-1932م).وبحث الفصل الثالث التطوُّرات السياسيَّة, والإداريَّة في المنطقة بين عامي (1932-1937م) وأشار إلى الإجراءات البريطانيَّة التي اتخذت في الجنوب اليمنيِّ, ومنها: نقل مسؤولية إدارة عدن من حكومة بومباي إلى إدارة حكومة الهند، وتشجيع الهجرات الأجنبية إلى عدن، ثم عقدها معاهدة صنعاء عام (1934م) مع الإمام يحيى، التي كانت نقطة واضحة في مسار الوجود البريطانيِّ في الجنوب اليمنيِّ. وبيَّن الفصل عزم الإدارة البريطانيَّة على نقل إدارة عدن من حكومة الهند إلى وزارة المستعمرات وفقاً للمخطط البريطانيِّ الذي يرمي إلى تكريس نفوذ بريطانيا في المنطقة من خلال ما يسمَّى بمعاهدات الاستشارة الثنائية مع سلاطين, وأمراء, ومشايخ الجنوب اليمنيِّ, وإلزامهم بضرورة اتِّباع مشورة المستشار البريطانيِّ.وكُرِّس الفصل الرابع لمناقشة واقع السياسة البريطانيَّة في الجنوب اليمنيِّ (1937-1945م)، وتضمَّن توضيحاً لمهام وصلاحيات المستشار البريطانيِّ، الذي كان يمثل الحاكم البريطانيِّ في عدن بتلك المحميَّات، وتمَّ عرض أبرز المشاكل التي واجهتها الإدارة البريطانيَّة، كما أشار أيضا إلى الانتفاضات, والنشاطات الوطنية المضادَّة لسياسة بريطانيا، وتعرَّض الفصل لآثار السياسية البريطانيَّة إبَّان الحرب العالمية الثانية في الجنوب اليمنيِّ، وبيان إجراءات حكومة عدن البريطانيَّة في تلافي مخلفات الحرب, وانعكاساتها الخطيرة على المنطقة.اعتمدت الدراسة على الكثير من المصادر, منها الوثائق, والدراسات, والمؤلفات العربية, والأجنبية؛ إذ شكَّلت الوثائق الرسمية غير المنشورة رافداً مهماً في البحث، وفي مقدِّمتها تقارير البعثة الأمريكية في الشرق الأوسط الخاصَّة بعدن, وتحت عنوان: American confidential, U.S.A Diplomtic post , The Middle East, Aden , 1925-1941المصورة على أشرطة فلمية (مايكرو فليم) محفوظة في قسم الوثائق بدار الكتب والوثائق في بغداد. وتكمن أهمية هذه الوثائق في كونها تقارير يوميَّة أرسلتها البعثة إلى حكومتها من دار القنصلية الأمريكية في عدن، وقد كان مرسلوها على الإطلاع المباشر بتفاصيل الأحداث في المنطقة، وغطَّت هذه الوثائق مساحةً مهمَّةً جداً من الدِّراسة بين عامي (1925-1941م)، وجعل الباحث معلوماتها في فصول الدراسـة الثاني, والثالث, والرابع. ولابدَّ من الإشارة إلى أنَّ هذه المجموعة الوثائقية قد تناولت جوانب مختلفة من تأريخ المنطقة الاقتصادية, والسياسية, كما أشارت إلى توجُّهات بعض الدول الكبرى كالولايات المتحدة الأمريكية, وبريطانيا, وإيطاليا, وفرنسا تجاه المنطقة.واعتمدت الدراسة أيضاً على مجموعة الوثائق البريطانيَّة التي تتعلَّق بسياستها الخارجية تحت عنوان: Documents on British Foreign Policy , (1919-1939)والمتضمنة وثائق وزارة المستعمرات (Colonial office Files) ووثائق وزارة الخارجية (Foreign office Files) المحفوظة في قسم الدوريات والوثائق في المكتبة المركزية بجامعة بغداد، وقد استفاد الباحث منها في معرفة توجهات السياسة البريطانيَّة في المنطقة.وشكَّلت وثائق وزارة الخارجية العراقية، تقارير المفوضـية العراقية في جدَّة، ضمن ملفات, ووثائق البلاط الملكي المسجلة على أشرطة (مايكرو فيلم) والمحفوظة في قسم الوثائق بدار الكتب والوثائق في بغداد، مصـادر مهمة أخرى؛ إذ كانت تلك التقارير تعطي صورة مفصلة عن الأحداث التي شهدتها المنطقة.وكرَّس الباحث تلك المعلومات الوثائقية في الفصلين الثاني, والثالث من الدراسة. كما أسهمت وثائق وزارة الدفاع العراقية، شعبة التأريخ العسكري بمعلومات أخرى عن استراتيجية العمليات العسكرية في الشرق الأوسط، وبينت الاستعدادات البريطانيَّة ومدى الاستفادة القصوى من أهمية موقع عدن الاستراتيجي في عملياتها الحربية إبَّان الحرب العالمية الثانية، وقد وظف الباحث تلك المعلومات في الفصل الرابع من هذه الدراسة.واعتمدت الدراسة على عدد من الوثائق المنشورة في كتب عربية, وأجنبية, منها: الوثائق اليمنيِّة التي جمعها الدكتور سيد مصطفى سالم في كتابه: وثائق يمنية. ثم مجموعة الوثائق الخاصة بالسياسة البريطانيَّة, وعلاقاتها بالمنطقة العربية في أثناء الحرب العالمية الأولى، في كتاب الدكتور مكي شبيكه المعنون بـ: (العرب والسياسة البريطانيَّة في أثناء الحرب العالمية الأولى) وفضلاً عن ذلك وثائق شبه الجزيرة العربية، التي احتوى عليها كتاب الدكتور أحمد عبد الرحيم مصطفى بعنوان: (وثائق شبه الجزيرة العربية في العصر الحديث عصر محمد علي 1819-1840م) إذ بينت هذه الوثائق الموقف العربي المصري في شبه الجزيرة العربية, وردود الفعل البريطانيَّة تجاهه. وقد عززت هذه المجموعة الوثائقية المنشورة الوقائع التأريخية لتطور الأوضاع السياسة في جنوب الجزيرة العربية حتى عام (1918م)، مضافاً إليها الوثائق الأجنبية المنشورة تحت عنوان: Arabian Boundris primary Documents , (1853-1957) , Volum 4 ,Aden protectorate-Imamte of Yemen , 11 واستعان الباحث بمجموعة من الصحف التي تصدر في الوطن العربي، تأتي في طليعتها الصحف الصادرة في الجزيرة العربية كصحيفة: (حضرموت) (وأم القرى) ومجموعة من الصحف العربية الأخرى: (البلاغ) التي نشرت معلومات, وتعليقات مهمة عن المنطقة؛ ولاسيما أعدادها للسنوات (1925-1934م) وكذلك جريدة (المقطم) التي لاتقل أهمية عن سابقاتها في رفد الأطروحة بتحليلات قيمة، فضلاً عن عدد من الصحف العربية الأخرى (الأهرام) و (المساء) و(صوت الأحرار) وغيرها, وكان للصحف العراقية إسهام واضح في إغناء الأطروحة بمعلومات ذات صلة مباشرة بالأحداث في الجزيرة العربية, ومنها: (جريدة الإستقلال) و (البلاد) و(العراق) وغيرها من الصحف.وكان للدوريات العربية إسهام واضح في رفد الدراسة بمعلومات توثيقيَّة، وتأتي في طليعتها مجلة الرابطة العربية، التي أوردت معلومات موثَّقة؛ لأن مراسيلها كانوا على مقربة مباشرة من الأحداث, وشخوصها، وكان لكتاباتها ردود فعل واضحة في المنطقة؛ ولاسيما في عدن وحضرموت، لذلك كان مكتب مراسلي هذه المجلة مستهدفاً في عدن من قبل سلطات الاحتلال البريطانيِّ.ولابدَّ من الإشارة إلى أنه لاغنى لأيِّ باحث يروم الكتابة عن تأريخ هذه المنطقة في أن يعود إلى أعداد هذه المجلة, فقد أغنت فصول الأطروحة الثالث, والرابع فضلاً عن مجلات أخرى ذات علاقة مباشرة بدراسة المنطقة ومنها مجلة (اليمن الجديد) (والشرق الأدنى) وغيرها من المجلات العلمية.واستعان الباحث بعدد من الرسائل العلمية للدكتوراه, والماجستير غير المنشورة؛ إذ نبهته إلى مواطن الوثائق, وبعض المصادر المهمة، نذكر منها رسالة الماجستير الآتية: William Fleming Barns , Approved for public Distribution , unlimited conflict commitment the case of Yemens.المقدَّمة إلى جامعة (لويزفيل) في الولايات المتحدة الأمريكية عام (1975م)، وهي مصورة على شريط مايكرو فيلم، محفوظة في قسم الوثائق في دار الكتب والوثائق في بغداد ضمن ملفات الشرق الأوسط الخاصة بعدن، وقد أفاد الباحث منها في متابعة الخطوط العامة للسياسية البريطانيَّة في عدن, والمناطق المجاورة لها في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وحتى الربع الأول من القرن العشرين.وهناك رسالة ماجستير التي أعدها السيد سعد موسى مناحي المعنونة بـ: (اليمن الجنوبية من الأحتلال حتى الاستقلال 1839-1967م) إذ قدمت للباحث معلوماتٍ مختصرة، وقد سجل الباحث عليها بعض المآخذ لكونها تناولت فترة طويلة من تأريخ المنطقة لأكثر من (128) عاماً, كما أنها لم تعالج فترات مهمة من تأريخ المنطقة, وتحديداً الثلاثينيَّات وبداية الأربعينيَّات من هذا القرن، لذا تصدَّت دراساتنا المتواضعة لهذه الحقبة التأريخية.وهناك رسالة السيد وليد الدليمي: التغلغل الإيطالي في المشرق العربي (1911-1934م)، إذ أفاد الباحث من معلوماتها بالقدر الذي يتعلَّق بالتقارب الإيطالي-اليمنيِّ, وأثره في سياسة بريطانيا في الجنوب اليمنيِّ. فضلاً عن رسائل علميَّة أخرى.كان للبحوث والدراسات أهميةٌ كبيرة في رفد الدراسة بمعلومات قيمة, نذكر منها: بحث فتوح عبد المحسن الخُترش: العلاقات اليمنيِّة-البريطانيَّة في عهد الإمام يحيى بن حميد الدين، وبحث الدكتور نوري العاني غير المنشور المعنون بـ: (أثر الغزو الايطالي للحبشة على البحر الأحمر والوطن العربي (1935-1941م)، فضلاً عن الدراسة المعنونة بـ: (عدن وجارتها التي تدَّعي بريطانيا حمايتها المعروفة بالمحميَّات التسع, وعلاقة المملكة المتوكليَّة بتلك المناطق) لمؤلف مجهول.وأسهمت الكتب العربية, والمترجمة, والأجنبية بمعلومات مهمة في الدراسة, وتأتي في طليعة الكتب العربية مؤلفات الدكتور فاروق عثمان أباظة، الذي يُعَدُّ واحداً من أبرز الباحثين المتخصصين بدراسة تأريخ هذه المنطقة، منها كتابه: (عدن والسياسة البريطانيَّة في البحر الأحمر 1839-1918م)، ثم مؤلفة القيم (العلاقات البريطانيَّة-اليمنيِّة بين الحربين 1919-1939)، وقد أفاد الباحث منه في تحليل الأحداث المتعلقة بمشاكل حدود المحيمات الجنوبية وأنعاكس ذلك على سياسة بريطانيا في المنطقة، وأضاف كتاب الدكتور جاد طه: (سياسة بريطانيا في جنوب الجزيرة العربية) معلومات مهمة للفصل الأول من الأطروحة وهناك أطروحة الدكتوراه المنشورة لإبراهيم خلف العبيدي المعنونة بـ: (الحركة الوطنية في الجنوب اليمنيِّ المحتل 1945-1967م) التي أعطت للباحث تصوُّراً واضحاً عن الأحداث السياسية التي شهدها الجنوب اليمنيِّ منذ الاحتلال البريطانيِّ لعدن عام (1839م). وكتاب سلطان ناجي: (التأريخ العسكري لليمن 1839-1967م) الذي يعدُّ من المصادر التي قدمت معلومات قيمة ودقيقة لكون مؤلفه من سكان مدينة عدن، ومن ذوى الاهتمام البالغ بتأريخ المنطقة من جهة، واعتماده على وثائق بريطانية مهمَّة تتعلَّق بسياستها في عدن من جهة ثانية.أما كتاب الدكتور سيد مصطفى سالم: تكوين اليمن الحديث؛ فقد بيَّن تأثير الوضع السياسي في الشمال اليمنيِّ, وانعكاسه على التطوُّر السياسي في الجنوب. ثم أغنت كتب محمد كمال عبد الحميد: (الاستعمار البريطانيِّ في جنوب الجزيرة العربية) وقحطان محمد الشعبي: (الاستعمار البريطانيِّ ومعركتنا في جنوب اليمن عدن, والإمارات) الأطروحةَ بمعلوماتٍ رئيسية، فضلاً عن مؤلفات صلاح البكري: (تأريخ حضرموت السياسي) الجزء الثاني, وكتابه: (في جنوب الجزيرة العربية) فقد خصَّت البحث بمعلوماتٍ مهمة عن حضرموت, والمحميات الشرقية.ورفدت الكتب المترجمة الدراسة بمعلومات ثمينة, ويأتي في مقدِّمتها كتاب هارلود وف جاكوب: ملوك شبه الجزيرة العربية؛ لأن مؤلفه شغل منصب معاون أول للحاكم البريطانيِّ في عدن، ثم وكيلاً سياسياً فيها, وشغل في أثناء الحرب العالمية الأولى منصب مستشار الخاص بشؤون غرب الجزيرة العربية.إنَّّ الوظائف التي شغلها، وتحدُّثه بالعربية، ومعرفة عادات البلاد, وتقاليدها، ثم تكليفه بمهمة الاتصال بالإمام يحيى, ومحاولة إقناعه في إيجاد حلول بشأن الخلاف على المحميات الجنوبية قد رفعت من أهمية كتابه كثيراً, وجعلته من المصادر البارزة التي اعتمدت عليها الدراسة. ثم كتاب أريك ماكرو: (اليمن والغرب 1571-1962م)، والذي قدَّم تفاصيل دقيقة عن سياسة بريطانيا في المنطقة، وقد تعامل الباحث معه بحذرٍ واضحٍ لإثارته بعض الجوانب الطائفية.وكان للكتب الأجنبية دور بارز في إغناء البحث بمعلومات رئيسة؛ إذ شكلت مؤلفات الحكام, والمستشارين, والضباط السياسيين البريطانيِّين الذين حكموا عدن مصادر أولية تضمَّنت معلومات رسمية, وشخصية شبه رسمية لكونها تمثل وجهة النظر البريطانيَّة, ومنها: Aden and Yemen لمؤلفه Bernard-Reilly، الحاكم السياسي لعدن للمدة الواقعة بين عامي (1930-1940م)،وكذلك مؤلفات Harold Ingrams ومنها الكتاب: The Yemen Imams: Rulers and Revolutions والذي أوضح فيه مؤلفه معلومات, وتفاصيل عن علاقاته, واتصالاته بالأمراء, والسلاطين, والمشايخ في عموم المحميات الشرقية، فضلاً عن كتب المستشارين, والحكام الأخرى.وقد كان لمؤلفاتٍ أجنبيةٍ أخرى أهميةٌ واضحة نذكر منها كتاب Gavin-R.J.C والمعنون بـ: Adan under British Rule-1839-1967 إذ بين المؤلف تفاصيل السياسة البريطانيَّة في جنوب اليمن، وقد أظهر حالة التعاطف مع تلك السياسية، ويبدو ذلك أمراً طبيعياً بالنسبة لهوأخيراً لابد من الإشارة إلى كتاب Little-Tom المعنون بـ: South Arabia Gonflict إذ بين فيه الصراعات السياسية في جنوب الجزيرة العربية.وفي الختام: الشكر والامتنان إلى الأستاذ الدكتور طارق الحمداني الذي تفضَّل بالإشراف على هذه الأطروحة، فكانت لتوجيهاته, وإرشاداته أبلغ الأثر في إخراجها بالصورة التي هي عليها، والشكر موصلاً إلى أساتذتي الأجلاء الذين تتلمذت على أيدهم في قسم التأريخ كلية التربية ((ابن رشد)) جامعة بغداد للعام الدراسي (1995-1996م).وأما كلمات الشكر, والثناء؛ فهي عاجزة حقاً لرئيس وأعضاء لجنة المناقشة, والتي أثرت ملاحظاتُهم الأطروحة.وفق الله الجميع بالخير, والبركات! المؤلفأ.د.صباح مهدي رميض15/5/2009الفصل الأوَّلتطوُّرات الأوضاع السياسية في الجنوب اليمنيِّوالموقف البريطانيِّ منها (1839 – 1918م)أولاً: مدخل... الجنوب اليمنيِّ... الموقع, والوصف الجغرافي.ثانياً: السيطرة البريطانيَّة في عدن ومحاولات سلاطين لحج لاستعادتها.ثالثاً: أساليب الإدارة البريطانيَّة في عدن, والجنوب اليمنيِّ، معاهدات الصداقة, والسلام, والحماية.رابعاً: مشكلة الحدود الجنوبية والنزاع العثماني – البريطانيِّ حتى نهاية الحرب العالمية الأولى (1918م).الفصل الثانيالسياسة البريطانيَّة في الجنوب اليمنيِّومشاكل حدود المحميَّات الجنوبيَّة مع اليمن(1918 – 1932م)أولاً: بريطانيا ومشاكل الحدود مع الشمال اليمنيِّ (1918 – 1924م).ثانياً: الإدارة البريطانيَّة في الجنوب اليمنيِّ حتى عام (1928م).ثالثاً: مشكلات السياسة البريطانيَّة في الجنوب اليمنيِّ (1928 – 1932م).1 ـ مشكلات حدود المحميات الجنوبيَّة.2 ـ بريطانيا وحركة الإصلاح في حضرموت والجنوب اليمنيِّ حتى عام (1932م).الفصل الثالثالتطورات السياسية والإداريةفي الجنوب اليمنيِّ (1932-1937م)أولاً: الإجراءات البريطانيَّة في الجنوب اليمنيِّ (1932-1934م) ثانياً: تطور الأحداث السياسية في الجنوب اليمنيِّ في أعقاب عقد معاهدة صنعاء (1934م).ثالثاً: الإدارة البريطانيَّة في عدن والمحميات, وإبرام معاهدات الاستشارة مع سلاطين الجنوب اليمنيِّ.الفصل الرابعبريطانيا وتطورات الأحداث السياسيةفــي الجنــوب اليمنـــيِّ (1937-1945م)أولاً: سياسة بريطانيا في حضرموت والمحميَّات الشرقية.ثانياً: مشكلات الإدارة البريطانيَّة في الجنوب اليمنيِّ.1 ـ مشكلة شبوه.2 ـ مشكلة جزيرة الشيخ سعيد.3 ـ حركة الدباغ في البيضا.ثالثاً: الإدارة البريطانيَّة والانتفاضات, والنشاطات الوطنية في حضرموت, والجنوب اليمنيِّ حتى عام (1939م).رابعاً: بريطانيا والجنوب اليمنيِّ في أثناء الحرب العالمية الثانية (1939-1945م).الخاتمـــــــــةأظـهرت الدراسة طبيعة التطوُّرات السياسية التي شهدتها منطقة الجنوب اليمنيِّ، للمدة الواقعة بين عام (1918 وعام 1945م)، وكشفت الأهداف البريطانيَّة الخاصة بتمزيق وحدة الكيان السياسي للجنوب اليمنيِّ، ثم تكريس حالة الإنفصال عن الشمال اليمنيِّ، ومن أجل هذا خلقت الإدارة البريطانيَّة ظروفاً إقتصادية, واجتماعية, وإدارية مميزة بين عدن المستعمرة, والإمارات, والسلطنات الأخرى, وبهذا كانت عدن نقطة توسع, وبداية الإنطلاق للنفوذ البريطانيِّ في جنوب اليمن, والبحر الأحمر, والساحل الإفريقي، كما أنَّها أعدت الخط الدفاعي الأول للمصالح البريطانيَّة في الخليج العربي.تطورت سياسة بريطانيا في الجنوب اليمنيِّ على أثر انسحاب القوات العثمانية من المنطقة، فبدأت بتجاهل مطالبة اليمن بالمحميات الجنوبية، لاسيما وأنَّ الإمام يحيى لم يظهر التنازل, أو الحياد عن حقوقه فيها, واعتبرها جزءاً من اليمن, وامتداداً طبيعياً لنفوذ أجداده، مما دعا بريطانيا إلى استخدام أساليب الوعيد, والتهديد، وعلى هذا زاد الإمام يحيى من شدَّة تمسُّكه بالمحميات.قدَّمت بريطانيا بعض التنازلات إلى الإمام يحيى على أثر التقارب الحاصل بين اليمن, وإيطاليا خشية مصالحها في الجنوب اليمنيِّ، ثم قررت إعادة تنظيم دفاعها في عدن, وسحب القوات البرية بسبب تكاليفها الباهظة، واستبدالها بقوة سلاح الطيران ذات الفعالية الحيوية, والتكاليف المناسبة، وبهذا الإجراء تحوَّلت عدن من قاعدة بحرية إلى قاعدة جوية فاعلة، وتم نقل مسؤولية إدارة الدفاع عن عدن, والمحميات من وزارة الحرب إلى وزارة الطيران.وفي إطار سياسة بريطانيا الداخلية في حضرموت عملت على زيادة التناحر بين السلاطين, والأمراء، ووقفت ضدَّ كل اتِّجاه إصلاحي يدعو إلى وحدة حضرموت, ورقِّيها، ولكن تلك الإجراءات لم تقف حائلاً أمام ظهور حركات وطنية مضادة لها.نظَّمت بريطانيا عملها الإداري في المنطقة، فأصبحت عدن تحت الإشراف المباشر لنائب الملك بالهند، ويُعزى ذلك إلى أنَّ معظم الهنود من أصحاب رؤوس الأموال المستثمرة في عدن قد وجدوا صعوبة في ممارسة أعمالهم في ظلِّ الحكومة المركزية، كما أنَّ الحكومة وجدت أيضاً: أنَّ مسألة الاحتفاظ بإدارة عدن سيكلفها نفقات عالية موازنة بما تحصل عليه من إيرادات.وروَّجت الإدارة البريطانيَّة في عدن الهجرات الأجنبية إليها، وذلك بهدف إيجاد خليط غير متجانس من قوميات ذات ميول مختلفة, ومصالح متباينة، ثم اتخاذها ذريعة للاستمرار, والبقاء بحجة حماية تلك المصالح، وقد تعزَّز هذا الاتجاه بعقد معاهدة صنعاء في (11 شباط عام 1934م) (اتفاقية الوضع الراهن) إذ أصبحت تلك المعاهدة نقطة تحوُّل مهمة في مسيرة العلاقات الإنكلو – يمنية، بشكل عام, وتمركز النفوذ البريطانيِّ في الجنوب اليمنيِّ بشكل خاص، فكانت تصريحات للإمام يحيى بشأن استمرار بريطانيا في إدارة عدن والمحميَّات، كما أنَّها حقَّقت على المدى البعيد رغبة بريطانيا في فصل الشمال عن الجنوب اليمنيِّ، لكن واقع الأمر كان خلافاً لذلك، بسبب كون الشعب العربي في إقليم اليمن شماله وجنوبه يرمي إلى تحرير أرضه من السيطرة البريطانيَّة، وهذا الموقف الوطني يفسِّر بدون شك حتمية الوحدة اليمنيِّة الحاضرة, وضرورتها.لقد عزَّزت بريطانيا وجودها في الجنوب اليمنيِّ بتكوين وحدات من قوات الحرس القبلي فضلا ًعن إنشاء قواعد عسكرية في حضرموت, ومنطقة (أربات) وخور مكسر، وكان ذلك بسبب حالة التوتر التي شهدتها منطقة البحر الأحمر، بعد ظهور استعدادات إيطاليا في مهاجمة الحبشة، وفي ضوء تلك التطوُّرات التي شهدتها المنطقة قرَّرت حكومة الإدارة البريطانيَّة في عدن إجراء تعديل إداري جديد يقضي بنقل إدارة حكومة عدن من الهند إلى وزارة المستعمرات، بسبب التكاليف, والنفقات العالية، كما أنَّ بريطانيا شعرت من جانبها بأن حكمها للهند أصبح على وشك الإنتهاء، وإن الهند في طريقها إلى الاستقلال، وبذلك أصبحت عدن مستعمرةً للتاج؛ إذ احتفظت بريطانيا بحق التشريع, والإدارة في المحميَّات، وأصدرت قانون تنظيم الوضع الداخلي، ومن ثمَّ تشريع قانون محمية عدن, وتشكيل المجلسين التنفيذي, والتشريعي، وقسمت بموجب التنظيم السابق المناطق المجاورة لعدن باسم محمية عدن الغربية, ومحمية عدن الشرقية.مثَّل حاكم عدن وكيلٌ عنه في أحدهما, ومقيمٌ في الأخرى, وأطلق عليهما لقب المستشار, وتمتَّع بصلاحيات واسعة؛ إذ عقد معاهدات الاستشارة مع أمراء وسلاطين الجنوب اليمنيِّ, وقد ألزمتهم تلك المعاهدات بضرورة اتباع مشورة المستشار في جميع الأمور ماعدا الجوانب المتعلقة بالدين, والشريعة الإسلامية. لقد استخدم المستشارون أساليب مختلفة في إخضاع القبائل عن طريق إنذارهم, وتهديدهم باستخدام الطائرات لقصف مساكنهم وحقولهم، وقد تعرَّضت قبائل سلطنة بيحان, واليوافع إلى عمليات قصف بريطاني مستمر.واجهت الإدارة البريطانيَّة مشكلات عديدة، بسبب سياستها التوسعية في المنطقة، فأثارات مشكلة منطقة شبوه مع اليمن, واحتلتها بسبب توقع وجود النفط فيها، وبذلك أضاعت الحق اليمنيِّ في المطالبة بها، وكذلك أثارت مشكلة جزيرة الشيخ سعيد ذات الموقع الإستراتيجي الحساس المواجه لجزيرة (بريم) المشمولة بالإدارة البريطانيَّة، فسعت إلى إبعاد القوى الأجنبية الطامعة فيها, وفي مقدمتها فرنسا.ونتيجة لتلك السياسة التعسُّفية التي مارسها المستشارون حدثت انتفاضات كثيرة, ونشاطات وطنية إصلاحية, ومظاهرات صاخبة قادها المثقفون, والأدباء ورجال الدين، وظهرت أصوات تدعو إلى توحيد الإمارات, والسلطنات, ومشيخات الجنوب اليمنيِّ في دولة واحدة، تقوم على نظامٍ خاصٍّ يوافق الإطار الاجتماعي لتلك الإمارات.وحرصت بريطانيا على دعم مركزها الاستراتيجي في عدن, والنواحي التسع المحمية في أثناء الحرب العالمية الثانية، لذا سعت في تأمين ميناء عدن, والمحافظة عليه, وإبعاد أيَّة قوة أجنبية عنه.لم يكن للحرب العالمية الثانية في بداية نشوبها تأثير واضح على الجنوب اليمنيِّ، ولكن دخول إيطاليا الحرب سبَّب انعكاسات وآثاراً واضحةً على عدن, والمحميات؛ إذ ارتفعت الأسعار وتفاقمت المجاعة وبشكل خاص في المحميات الشرقية، وعلى الرغم من تلك الآثار بقيت عدن تشكل أهمية استراتيجية لبريطانيا في شرق السويس، ثم أصبحت مركزاً لقيادتها البرية, والبحرية في الشرق العربي، ودعمت تلك الأهمية بإنتهاج سياسة (التقدُّم إلى إمام) في المحميَّات.وشهدت حدود المحميات الجنوبية إبَّان الحرب العالمية الثانية حالةً من الاستقرار المشوب بالحذر، لكن ظهور حزب الأحرار اليمنيِّين المعارض لسياسة الإمام يحيى, واتخاذ عدن مقراً لنشاطه السياسي أزم الموفق من جديد, لكن التبدُّل الذي حصل في موقف الإمام يحيى تجاه دول الحلفاء, وتغيُّر حالة حياده التي أعلنها في بداية الحرب جعلت بريطانيا تحدُّ من نشاط حزب الأحرار اليمنيِّين في عدن.عزَّزت حكومة عدن البريطانيَّة في السنوات الأخيرة من الحرب العالمية الثانية موقفها السياسي في الجنوب اليمنيِّ، فعقدت خمس معاهدات استشارة مع خمس من السلطنات, والإمارات، كما قامت بإنشاء بعض المؤسسات الإدارية لخدمة مصالحها في المنطقة، ثم باشر المجلس التشريعي مهامه، وأسست المجالس المحلية والمجالس البلدية، وإزاء تلك الإجراءات البريطانيَّة ظهرت أحزاب, وجمعيات ثقافية إصلاحية، أدرك قادتها ضرورة تنظيم نشاطهم الوطني في الدفاع عن قضية بلادهم المصيرية، وكانت تلك هي الخطوة الأولى في نشوء الأحزاب السياسية في أعقاب الحرب العالمية الثانية، والتي أخذت على عاتقها مهمَّة تنشيط الحركة الوطنية التحررُّية في الجنوب اليمنيِّ في المرحلة التالية من تأريخ هذه المنطقة.