يُعتبر تاريخ العراق في العصور الحديثة من المجالات الواسعة التي لم تأخذ ما تستحقه من إهتمام الباحثين، فلا زالت أغلب الدراسات التاريخية المتخصصة، تقتصر على تناول أوضاع العراق في عصوره الزاهية في القرون الوسطى؛ ولذا كان إختياري للفترة التي تولت فيها ولاية الموصل حكام أو ولاة مركزيون يُعينهم الباب العالي أو السلطان مباشرة ما بين 183...
قراءة الكل
يُعتبر تاريخ العراق في العصور الحديثة من المجالات الواسعة التي لم تأخذ ما تستحقه من إهتمام الباحثين، فلا زالت أغلب الدراسات التاريخية المتخصصة، تقتصر على تناول أوضاع العراق في عصوره الزاهية في القرون الوسطى؛ ولذا كان إختياري للفترة التي تولت فيها ولاية الموصل حكام أو ولاة مركزيون يُعينهم الباب العالي أو السلطان مباشرة ما بين 1834-1909 قائماً على عدة إعتبارات موضوعية أهمها: 1-أن الموصل تميزت في هذه الفترة بحكم مركزي بعد أن كانت تتمتع بحكم شبه ذاتي وبشخصية محلية واضحة المعالم، تجلت في مختلف الجوانب السياسية والإقتصادية والإجتماعية وحتى الثقافية والعمرانية، تولت فيها الأسرة الجليلية مقالد الحكم في ولاية الموصل لأكثر من قرن ما بين سنتي 1726 - 1834؛ 2-كانت الموصل بحكم موقعها الجغرافي - أكثر مدن العراق إتصالاً ببلاد الشام، وأكثرها إستقبالاً أو تعرضاً للتيارات الحضارية الهابة من منطقة البحر المتوسط والقادمة من أوروبا في هذه الفترة، فنشط إليها قدوم الرحالين والسواح ونشطت حركة، الإرساليات التبشيرية فيها على نطاق واسع؛ 3-لقد استمرت الموصل في محاولاتها للحفاظ على مآثرها الحضارية التي ورثتها عن فترة الحكم المحلي - الجليلي - ولذا كانت آخر ولاية عراقية تدخل في فلك بغداد، حتى يمكن القول بأن تاريخ الموصل خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر لم يكن - في أحد جوانبه - إلاّ تاريخاً للصراع والتفاعل بين إرادتها المحلية وإرادة بغداد المركزية؛ 4-خَلْع السلطان عبد الحميد الثاني وأثره في ولاية الموصل التي كانت تكن له أحاسيس خاصة تختلف وأحاسيس العراقيين ككل، وهذا ما توضح لدى ورود نبأ خلعه إلى الموصل.وكان سبيل المؤلف في البحث عن طبيعة هذه المرحلة التاريخية، الهامة وما رافقها من أحداث سياسية، تمثل في حقيقتها نسجاً معقداً متشابكاً من مختلف النشاطات البشرية والتيارات الفكرية بحيث لا يمكن الخروج بفكرة واضحة عن الجوانب السياسية المتضاربة، دون إستيعاب أثر الجوانب الأخرى منه وفيه.لذا فقد قسم هذا البحث إلى تمهيد يتضمن عرضاً تاريخياً موجزاً، وفصلين وخاتمة؛ وخصص التمهيد والفصل الأول لبيان فترة إنتقال الموصل من الحكم المحلي الذاتي، ودخولها تحت الحكم المركزي العثماني المباشر؛ أما الفصل الثاني فقد تناول فيه ولاية الموصل منذ نهاية الحكم الجليلي بعزل آخر والي جليلي وهو يحيى باشا عام 1834 وحتى خَلْع السلطان عبد الحميد الثاني عام 1909م وما رافق هذه الفترة من أحداث سياسية بين تمرد وعصيان وثورة؛ وأخيراً اختتم البحث بخاتمة تعرض فيها لما توصل إليه من نتائج في هذه الدراسة البسيطة.