"تقديم رؤية واقعية علمية اجتماعية سياسية لقوة عظمى علينا التعامل معها، والتحكّم بمسارات علاقتنا بها"، هو الهدف الذي وضعه مؤلف هذا الكتاب، الباحث في علم الاجتماع السياسي، والذي يؤكد "إن محاربة الإمبريالية والصهيونية لا تكون في الإرهاب الأعمى والإجرامي" الذي لا يؤدي في المحصلة النهائية إلا إلى "تمزيق الأمة وتوتير المذهبيات والعصبي...
قراءة الكل
"تقديم رؤية واقعية علمية اجتماعية سياسية لقوة عظمى علينا التعامل معها، والتحكّم بمسارات علاقتنا بها"، هو الهدف الذي وضعه مؤلف هذا الكتاب، الباحث في علم الاجتماع السياسي، والذي يؤكد "إن محاربة الإمبريالية والصهيونية لا تكون في الإرهاب الأعمى والإجرامي" الذي لا يؤدي في المحصلة النهائية إلا إلى "تمزيق الأمة وتوتير المذهبيات والعصبيات الجاهلية.. ولا يكون من جهة أخرى باستضافة أكبر القواعد الأميركية في العالم وبالتطبيع الكامل والشامل مع العدو الصهيوني، ولا بالسعي المحموم لعقد صفقة مع واشنطن وتل أبيب حول كل شيء(الحدود والأمن والمياه والتطبيع)...". إنه يدعو إلى التفكير العقلاني والعاقل بالرؤية الثاقبة للواقع ، تلك التي تعتمد على تحليل منطقي للعناصر التي تشكّله، للتمكّن من وضع استراتيجية فاعلة "تقوم على دعم كل أشكال التنسيق والتعاون بين الدول العربية والإسلامية، ودول عدم الانحياز، من أجل قيام عالم جديد" يستطيع الوقوف ضد كل أشكال الذلّ والمهانة التي يتعرض لها الإنسان، من فقر وبطالة وجهل، واستبداد وظلم وقهر وعبودية، ومن أجل إيمان راسخ بأن "عالماً عربياً جديداً ومختلفاً، ديمقراطياً، مستقلاً، متحرراً، هو أمر ممكن..".يقدّم الكتاب معلومات وتحليلات تعكس رؤية أميركا من المنظار الداخلي، أي من خلال تفكيك حلقات مسيرتها، والبحث عن معاني مجموعة المفاهيم والقيم التي تتحكّم بها وبالمجتمع الأميركي. إن الديمقراطية والمساواة والحرية مثلاً، قد لا تعني على أرض الممارسة والواقع في أميركا، ما قد تعنيه بالنسبة للشعوب الأخرى. فبالنسبة للمواطن الأميركي تعني "الحق في أن يتصرف كما يحلو له وفي أن يفعل ما يريد"!، وإنه "يؤمن بقوة بهذا الحق ويعتبره جزءاً من مفهوم الحرية الفردية..".في سياق تاريخي يحلل الكاتب الأسس التي قام عليها المجتمع الأميركي، ويبحث في فحواها ومعانيها وقيمها الأساسية، فيتناول موضوع الاستقلال والقومية والدولة والمواطنية والمساواة، والدستور بمختلف مؤسساته وأولها الكونغرس، كما يبحث في "النزعة الفردية المتجذرة في مفهوم الحقوق والتي تقوم على رفض مقولة الجماعة.."، وفي التعددية الثقافية، والحلم الأميركي والعنصرية، ويفصّل علاقة الاقتصاد الأميركي بالأزمات..إلى ما هنالك.سقطت اليوم في أميركا "الحواجز الأخلاقية وانتشر العنف والمخدرات، مع غياب أي خيار جدي أو أفق مستقبلي.."، "عنف مجاني ورخيص يدل على الغياب التام لأي احترام لمعنى الحياة أو لقيمتها.."، وحوادث سرقة واغتصاب (امرأة كل سبع دقائق) وصولاً إلى القتل (جريمة كل 25 دقيقة)، مما أدى إلى تنامي ظاهرة الخوف أو "عدم الأمان" في المدن، التي تطال المواطن المسالم.يتضمن هذا الكتاب المميز، الغني بالمعلومات والذي يربط بالملاحظات الذكية وبالتحليل الوافي بين علم الاجتماع والسياسة، ملحقين مهميّن، يتناول أحدهما موضوع "أميركا والحركة الإسلامية العربية" بما فيه من التباس وحساسية، ويتحدث الآخر عن "العرب الأشرار"، أي عن الصورة التي تقدّمها سينما هوليود عن العرب.
