يجمع الغناء بين الموسيقى والشعر والحنجرة الندية، لأنها مجتمعة تؤلف المغني الذي يهزك لحناً ومعنى وموسيقى. فكما أن الموسيقى لونٌ من ألوان التعبير الإنساني التي تصور خلجات القلب الحزين والقلب المرح، وكما أن الموسيقى، كذلك شحنة انفعالات نفسية فيها ما فيها من رموز تعبيرية متناسقة، وفيها ما فيها من مقاطع موسيقية لا يحسّها ولا ينفعل به...
قراءة الكل
يجمع الغناء بين الموسيقى والشعر والحنجرة الندية، لأنها مجتمعة تؤلف المغني الذي يهزك لحناً ومعنى وموسيقى. فكما أن الموسيقى لونٌ من ألوان التعبير الإنساني التي تصور خلجات القلب الحزين والقلب المرح، وكما أن الموسيقى، كذلك شحنة انفعالات نفسية فيها ما فيها من رموز تعبيرية متناسقة، وفيها ما فيها من مقاطع موسيقية لا يحسّها ولا ينفعل بها إلا كلّ مرهف حسّ وذواقة، يحس النفحة ويتذوق رموزها العالمية وتعابيرها النسبية، فإن الشعر، أيضاً، لون من ألوان التعبير الإنساني الذي لا يصوّر خلجات القلب فحسب بل الفكر أيضاً. بذلك لا يدعك تفلت منه أو تغيب عنه لأنه يأسرك، بمضمونه وبموسيقاه، فيكون بذلك قد سجن قلبك وفكرك بهما معاً.أما المغني فهو الذي يصل بك إلى الأعماق انفعالاً وطرباً، لأن حنجرته عانقت اللحن والشعر، مما أدى إلى معانقته بفكرك وقلبك وإحساسك. وربما صدق إسحاق بن إبراهيم الموصلي عندما قال: "لا يكره الغناء إلا من عرضت له آفة في حاسته، كما لا يكره الطيب إلا من في شمّه آفة".ضمن هذا المناخ تأتي الدراسة في هذا الكتاب والتي يتناول الباحث من خلالها الغناء في قصر الخليفة المأمون وما خلّفه من أثر على العصر العباسي. وذلك ضمن عشرة فصول. تمّ الحديث في الفصل الأول عن الغناء العربي من العصر الجاهلي إلى القصر العباسي. ودار الفصل الثاني حول الغناء وموقف قصر المأمون منه. وتم تخصيص الفصل الثالث للحديث عن مدرسة إسحاق الموصلي الغنائية وندواته في قصر المأمون. ليأتي الفصل الرابع تحت عنوان "مدرسة إبراهيم بن المهدي الغنائية وندواته في قصر المأمون". ليأتي الحديث عن "عريب: المغنية الإباحية في قصر المأمون"، في الفصل السادس. أما الفصل السابع فكان تحت عنوان "بَذْل، ومغتنون ومغنيات في قصر المأمون". وبَذْلْ تلك مغنية كانت عالمة بنسبة الألحان ومرجعاً هاماً للغناء. وتابع الباحث حديثه عن مغنيات عصر المأمون بحيث جاء الفصل الثامن حول "علوية" التي هي إحدى المغنيات في قصر المأمون. وأما الفصل التاسع فقد تحدث فيه الباحث عن مخارق وعن الندوات الغنائية في قصر المأمون وخارجه. وأخيراً كان الفصل العاشر تحت عنوان "ومضات عن ولع المأمون بالغناء حتى في سكرات الموت". ثم تبع ذلك الفصل خاتمة دارت حول (حقائق هامة) في نقاط طرحها الباحث وهي جديرة أن تقرأ.