إنسان تسكنه الحكاية وتحيط به الثقافة ويدفعه توثب العقل للإنفتاح على الثقافات: ثقافة الأسرة، أولاً وثقافة المجتمع ثانياً وثقافة العالم ثالثاً، تحسّ وأنت تقرأ الزاوي بأنه مجبول بهذه الجبلة التي ما انفكت في أعماق وجدانه، تُخرج حكايا وصوراً لعلاقات إجتماعية وإنبثاقاً لا ينضب من حسّ جمالي يريق على كتاباته التي اختلط فيها النثر بالشعر...
قراءة الكل
إنسان تسكنه الحكاية وتحيط به الثقافة ويدفعه توثب العقل للإنفتاح على الثقافات: ثقافة الأسرة، أولاً وثقافة المجتمع ثانياً وثقافة العالم ثالثاً، تحسّ وأنت تقرأ الزاوي بأنه مجبول بهذه الجبلة التي ما انفكت في أعماق وجدانه، تُخرج حكايا وصوراً لعلاقات إجتماعية وإنبثاقاً لا ينضب من حسّ جمالي يريق على كتاباته التي اختلط فيها النثر بالشعر، ذلك هو نثر الحياة بما فيها من واقع، وتلك هي شاعريتها التي تأبى إلا أن تكتنف أجساد الظواهر لأنها هي كذلك.فالدكتور "أمين الزاوي" هو هذا الروائي الجزائري المعاصر، الذي يشغل الآن حيّزاً واسعاً من مضمار الرواية العربية، يقدم أعمالاً مغموسة بمعاناة الواقع الإجتماعي الجزائري الذي اختاره موضوعاً حياً يحتاج إلى جرأة نادرة لا سيما في الكلام من السكوت عنه... يكتب حياة الآخرين... ما يعيشه المجتمع بجرأة، وبكت فضائح المجتمع العربي والإسلامي والغربي...ولقد استخدم الزاوي هذه الجرأة في غير مكان من أدبه، لا سيما عندما حاول استنطاق السكوت عنه... فكانت رواياته، خصوصاً المكتوب بالعربية منها، يشكل إشكالية تقف حاجزاً أمام المبدعين العرب؛ وقد كثر الحديث عن نقد المقدس في أدب الزاوي، حتى أن بعض أعماله الروائية قد منعت من دخول بعض الأقطار العربية لهذا السبب.ومن المسكوت عند لدى الزاوي يأتي الحديث الحديث عن المرأة، وهي التي شغلت الزاوي في القسم الأكبر من أعماله... وهو ينطلق من مفاهيم مرتبطة إرتباطاً عضوياً بسير الحياة الطبيعي...ولقد أثار الزاوي أهمية كبيرة للفن الروائي، ونظر إليه كعامل مهم محصل إلى غايات تعدّ أساسية بالنسبة للإنسان والمجتمع على حدّ سواء، كما هي قادرة على أن تطرح أطروحات سياسية وإجتماعية، وهو ينظر إلى الرواية "كمؤسسة داخل الجزائر وداخل المجتمع العربي"، ومن يطلع على روايات الزاوي يجد جاذبية العنوان الشعرية، وهو يكنز الكثير من المعاني...من أجل ذلك قال: "العنوان يجب أن يكون مستقلاً والعنوان يمكن أن يكون لدقة"، في هذه المنظومة المنهجية القائمة على جملة من الأفكار المبثوثة في مختلف أعماله القصصية، يخلص الزاوي إلى القول: "إنه ليس المهم أن تعجب روايتي القراء... المهم أن أكون حرّاً، وهي حرية تمناها أن تكون مقرونة بالديمقراطية.من هنا، يمكن القول بأن الدكتور "أمين الزاوي" كاتب يستحق القراءة المتأنية والمناقشة الهادئة، وما هذه الدراسة التي جاءت تحت عنوان "الروائي أمين الزاوي وإعلانات المسكوت عنه" الأنوع من المناقشة العامة لبعض ما كتبه، وبعد أيضاً فإن هذه الدراسة تتناول الدكتور الزاوي الروائي بتقنياته السردية المختلفة وتعبيره المميز عن مقاصده من جهة، ومن جهة ثانية يستعرض إعلانات المسكوت عنه من جهة ثانية، وهي كثيرة لا يسعنا القول إلا أن يكون الناقد قد التقط قدراً وافياً منها وعلى غير عادة تبويب الكتب بأبواب وفصول.فقد جعل الناقد لفظة إعلان بدلاً من لفظة فصل... أربعة إعلانات في أربع روايات وهي "الرعشة" و"رائحة الأنثى" و"السماء الثامنة" و"يصحو الحرير" عن أن تفي بالقدر المطلوب لما في كل رواية من إعلانات عن المسكوت عنه... وما هذا المسكوت عنه الذي حمله العنوان؟ أنه حملة من المواقف والسلوكات والآراء... التي يمكن مصادفتها في المجتمعات العربية، لا يجرؤ أحد المساس بها أو إنتقادها... والتي استطاع الروائي بجرأته تناولها في أعماله الروائية.