الوصل أو الفصل بين الدين والدولة أو بين الإسلام والدولة هو الموضوع المحور الذي دارت حوله معظم الدراسات التي تتناول النظم السياسية الإسلامية، وتلك التي تتناول المستجدات التي تحدث على أرض الواقع بالنسبة للحركات الإسلامية. وتزداد أهمية وخطورة هذا الموضوع في عصرنا الحالي الذي فيه يشهد المسلمون في مواطنهم هجوماً عليهم وانتهاكاً لمباد...
قراءة الكل
الوصل أو الفصل بين الدين والدولة أو بين الإسلام والدولة هو الموضوع المحور الذي دارت حوله معظم الدراسات التي تتناول النظم السياسية الإسلامية، وتلك التي تتناول المستجدات التي تحدث على أرض الواقع بالنسبة للحركات الإسلامية. وتزداد أهمية وخطورة هذا الموضوع في عصرنا الحالي الذي فيه يشهد المسلمون في مواطنهم هجوماً عليهم وانتهاكاً لمبادئهم وتقليلاً، بل وتجاهلاً، لحضارتهم. في هذا الوقت يسكت البعض، ويستسلم البعض الآخر، ويلجأ فيه بعض الحكام في المجتمعات الإسلامية إلى التقية والمهادنة دون أن يجرؤ أحد منهم على رفض الإهانة والذل والعدوان والغزو والاحتلال، وذلك بحجة حماية شعبه أو بلده من الحرب والخراب والتدمير ومن الحصار والتجويع، وهذا الاستسلام والتخاذل يقود الشعوب إلى لوم قادتها ورؤساءها، ويرفع من شعور المسلمين بأنهم اليوم أحوج ما يكونون إلى العودة إلى مصدر وحدتهم وقوتهم إلى العودة إلى دينهم الذي يمنحهم العزة والقوة. ومن هنا تكتسب إشكالية علاقة الإسلام بالدولة أهميتها الخاصة في هذا الوقت بالذات، وتحت ضغط هذه التحديات جميعاً، لتفرض على المسلمين وعلى العلماء والفقهاء وعلى المفكرين والكتاب بشكل خاص، وعلى السلطان أو الحكومات في المجتمعات الإسلامية اتخاذ مواقف جديدة أو توجهات جديدة أو طرح حلول أكثر جدية وحزماً وأكثر قوة في الواقع الإسلامي السياسي الاجتماعي العملي لمعالجة ما تطرحه هذه الإشكالية من قضايا ومشكلات دينية ثقافية سياسية اجتماعية في الواقع الراهن. بل لمعالجة الإشكالية ذاتها، قبل ذلك، وتحديد الموقف الصحيح منها، دون شطط أو تطرف أو غلو من جهة، ودون انبهار بالغرب أو بالحضارة وما تدعو إليه من فصل بين الدين والدولة، ومن أبعاد للدين عن الحياة العامة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.. الخ، من جهة أخرى، حتى تتحقق وحدة الفكر والممارسة... ووحدة المبدأ والغاية، ووحدة الموقف والاتجاه بين أبناء الأمة الواحدة نحو القضايا الكبرى التي تواجه الأمة جميعاً.من هذا المنطلق يأتي أهمية البحث في هذا الموضوع "الإسلام والدولة" وهو بحث بقدر الصعوبات التي تواجهه هناك خطورة في مقابلها وذلك لأن هناك تياران أحدهما ينادي بالوصل وآخر ينادي بالفصل. إلا أن الباحث ورغم ذلك حاول من خلال بحثه هذا مهما كانت التحديات والمخاطر طلباً للحقيقة، وقياماً منه بالواجب، فهي قضية تخص جميع المسلمين تخص دينهم وهويتهم ومستقبلهم وتوجهاتهم السياسية كما تخصّ علاقتهم بغيرهم من الأمم والشعوب. وبحثه هذا يمثل محاولة لتأسيس جديد لفكر سياسي إسلامي جاد وحقيقي، يتفهم طبيعة الآليات والأدوات السياسية الديموقراطية في ذاتها، كآليات وأدوات يقوم عليها بناء الدولة يتأسس بموجبها المجتمع السياسي... كمؤسسات وهياكل... فكر إسلامي لا ينتمي لمذهب دون آخر. ولا يأخذ من مذهب دون آخر.. فكر مفتوح على العصر وعلى مشاكل العصر التي يعاني منها المسلمون اليوم في كل مكان، فكر يعبر عن حقيقة الإسلام كفضاء حضاري فريد ومتميز عن غيره من الفضاءات وعن غيره من الثقافات وعن غيره من الحضارات في يسره وتسامحه وفي رحمته لأهله وللآخرين من حوله. وغاية الباحث أن يكون بحثه هذا مساهمة صغيرة متواضعة في هذا الاتجاه.