"كنت أمشي قرب رامي، سارة وريما تتقدمانا كل خطوة تزداد ثقلاً وبطيئاً. عيناي مسمرتان في هذا الامتداد الشاسع الأزرق صار غامقاً جداً. أفكر أنه منذ شهور فقط، في المكان نفسه، كنت أمسك حذائي بيد وطرف ثوبي بيد آخر، أغطس قدمي في المياه، فتقلدني سارة وريما، تضحكان مثلي عندما تضرب موجة أقدامنا بقوة وترشنا برذاذها فتبلل ثيابنا، ورامي يقول م...
قراءة الكل
"كنت أمشي قرب رامي، سارة وريما تتقدمانا كل خطوة تزداد ثقلاً وبطيئاً. عيناي مسمرتان في هذا الامتداد الشاسع الأزرق صار غامقاً جداً. أفكر أنه منذ شهور فقط، في المكان نفسه، كنت أمسك حذائي بيد وطرف ثوبي بيد آخر، أغطس قدمي في المياه، فتقلدني سارة وريما، تضحكان مثلي عندما تضرب موجة أقدامنا بقوة وترشنا برذاذها فتبلل ثيابنا، ورامي يقول مبتسماً: "ثلاثة أولاد والله". اليوم انظر إلى هذه الأمواج تترامى متعبة قريبة من أقدامنا، وأفكر كم هو حزين ان يكون البحر هنا دائما محكوماً بامتداده وبألوانه، وبحياة تتكرر إلى الأبد، تتقدم الأمواج وتتراجع، المياه تترقرق بأنوار خلفتها الشمس وهي تغرق هناك عند أبعد نقطة تراها عيناي". بعفوية بحرية ينساب قلم "رينيه الحايك" على صفحات كتابها "البئر والسماء" لتخيط به معاناتها النفسية التي تحولت مع بطلة روايتها "حنان" إلى أزمة جسدية أقلقت انسياب حياتها مع أطفالها وزوجها فحولت حياتهم البسيطة إلى حياة مخيفة، معقدة، هذا التغير الذي أصاب البطلة وحولها من امرأة نشيطة كلها حياة إلى امرأة كسولة، متأففة، لا بد أن يكون له سبب خاص وهام فما هو؟ هذا ما ستقرأ في هذه الرواية الممتعة "البئر والسماء".