سيقف القارئ لدى دراسته لهذا الكتاب على نوعين من صعوبات التعلم، أولهما صعوبات التعلم التطورية التي تتمثل في صعوبات المعالجة المعرفية الخاصة بواحدة أو أكثر من عمليات: الانتباه، أو الإدراك، أو الذاكرة، أو التفكير أو اللغة الشفوية. وينتج عن هذه الصعوبات ويترتب عليها النوع الثاني وهو صعوبات التعلم الأكاديمية أو المحددة التي تتعلق بتع...
قراءة الكل
سيقف القارئ لدى دراسته لهذا الكتاب على نوعين من صعوبات التعلم، أولهما صعوبات التعلم التطورية التي تتمثل في صعوبات المعالجة المعرفية الخاصة بواحدة أو أكثر من عمليات: الانتباه، أو الإدراك، أو الذاكرة، أو التفكير أو اللغة الشفوية. وينتج عن هذه الصعوبات ويترتب عليها النوع الثاني وهو صعوبات التعلم الأكاديمية أو المحددة التي تتعلق بتعلـم مادة أو أكثر من المواد الدراسيــة أخصــها القراءة أو الكتابــة أو الرياضيات أو هي جميعاً. ويظهر بنتيجة الارتباط والتفاعل الذي يقوم بين هذين النوعين مشكلات انفعالية واجتماعية متعددة أصعبها تدني تقدير الذات والانعزال لدرجة الاكتئاب والتسرع الذي يرقى الى مستوى الطيش وتراكم الإحباطات التي تمهد لظهور العدوانية.ومن النافلة أن يقال بأن الصعوبات التعلمية قديمة قدم محاولات الإنسان لتعلم القراءة والكتابة والعد، فهي موجودة في كل العصور وعبر جميع الأعمار تستوي في ذلك الطبقات الاجتماعية والسلالات البشرية. إلا أن هذا المصطلح بالذات، لم يظهر الى حيز التداول في اللغة التربوية قبل الستينات من هذا القرن... وقد تدّعم نتيجة الممارسات التربوية والأبحاث التي تقاطرت عليه من الطب والطب النفسي وعلم الأعصاب وعلم النفس والتربية. غير أن هذا الحقل بفعل جدته وديناميته وسرعة تطوره ما يزال يمر بألوان متفاوتة من النظريات والممارسات، خضع بعضها للتهذيب والتشذيب وما يزال بعضها في طور التطور والنماء في حين لم يعد البحث الحديث يتوقف عند بعضها الآخر. فقضايا صعوبات التعلم، ما تزال في جانب واسع منها مثار جدل ومحط نقاش، فليس ثمة مثلاً اتفاق على تعريف جامع مانع لصعوبات التعلم ولا على أسبابها أو أساليب تشخيصها أو استراتيجيات تُتبع في تعليمها تنعكس عن فلسفة تربوية واحدة لها، فللسلوكية وللمعرفية وللتطورية وللعصبية نظرياتها الخاصة في تفسير هذه الصعوبات وتوجهاتها في التعامل معها. ولا شك بأن مثل هذه الخلافات هي التي ما فتئت تضغط على المربين وأولياء الأمور لأن يبحثوا عن معارف أكثر عمقاً وطرائق أكثر ملائمة لتعظيم القدرة على الاكتساب الأكاديمي وتحسين عمليات التكيف الاجتماعي.وإذا كان هذا العلم قد نشأ وترعرع في الولايات المتحدة الأمريكية، فإنه سرعان ما بدأ ينتقل إلى غيرها من البلدان وبخاصة المتقدمة منها، وأصبح مفهوم الصعوبات التعلمية مظهراً من مظاهر الممارسات التربوية المعتادة فيها، وأصبح الطفل فيها محور خطة علاجية خاصة.