يعد موضوع التقادم "من الموضوعات الهامة في قانون الإجراءات الجنائية، وذلك لما تستتبعه دراسته من التصدي للعديد من المشكلات الفقهية والعملية، وما يثيره من تساؤلات يحرص الفقه علي إيجاد حلول قاطعة لها، ناهيك عن تشعب عناصر البحث وتعدد موضوعاته.وتبدو أهمية هذا الموضوع واضحة جلية لتحقيق توازن بين أمرين هما: حق المجني عليه في ملاحقة الجا...
قراءة الكل
يعد موضوع التقادم "من الموضوعات الهامة في قانون الإجراءات الجنائية، وذلك لما تستتبعه دراسته من التصدي للعديد من المشكلات الفقهية والعملية، وما يثيره من تساؤلات يحرص الفقه علي إيجاد حلول قاطعة لها، ناهيك عن تشعب عناصر البحث وتعدد موضوعاته.وتبدو أهمية هذا الموضوع واضحة جلية لتحقيق توازن بين أمرين هما: حق المجني عليه في ملاحقة الجاني لما ارتكبه من جرم، وذلك تحقيقاً لأهداف العقوبة، إذ ليس من العدالة أن يفلت مجرم من عقاب، والثاني: حق المتهم في سرعة حسم إجراءات الدعوى والبت فيها خلال فترة زمنية معينة تحقيقاً للعدالة، وحتي لا يصبح الاتهام سيفاً مسلطاً علي رقبته طيلة حياته.وقد أصبح نظام التقادم الجنائي من الأنظمة المعترف بها في السياسة الجنائية الحديثة، ليقرر تغلب المصلحة في إنهاء النزاع- تحقيقاً للاستقرار القانوني- علي العدالة، وقد بدأ ذلك في صورتين: الأولي قبل صدور حكم بات في الدعوى، وفي هذه الحالة يؤثر مضي المدة في إنهاء الدعوى الجنائية تبعاً لانقضاء سلطة العقاب، والثانية بعد صدور حكم بات، وفي هذه الحالة يؤثر مضي المدة في إنهاء سلطة الدولة في تنفيذ العقاب.كما أن هذا الموضوع من أهم الموضوعات التي كثيراً ما يتناولها الفقه، ويعرض لها القضاء في أحكامه، لما له من انعكاسات عديدة في المجالين الموضوعي والإجرائي، وهو موضوع متعدد الزوايا وتختلف زواياه باختلاف النظرة التي ننظر من خلالها، فالتقادم قد يتعلق بالاتهام أو الدعوى الجنائية وقد يتعلق بالعقوبة المحكوم بها.يقتصر هذا البحث علي التعرض لموضوع التقادم في المسائل الجنائية وحسب دون التطرق لنظام التقادم في المسائل المدنية أو غيرها، وسوف نتناول موضوع البحث من خلال مبحث تمهيدي تبرز فيه مفهوم وأساس التقادم ثم نتبع ذلك بفصلين: نتناول في الأول تقادم الدعوى الجنائية، وفي الثني لتقادم العقوبة، ثم تعقب ذلك بخاتمة نوجز فيها أهم نتائج وتوصيات البحث.