ثمة علاقات أكثر عمقًا وأشد تعقيدًا بين “موسم الهجرة ···” و “نظرية ما بعد الاستعمار”؛ فالرواية ـــ التي سبقــت النظرية ـــ كانت بمثابة دراسة استكشافية، اعتمدت طاقات الفن الروائي، لترسم صورة مركبة للآثار اللاواعية التي تركتها حركة الاستعمار الأوروبي، على نفسيات الشعوب المستعمِرة والمستعمَرة على السواء، لاسيما نفسيات مثقفيها وعقوله...
قراءة الكل
ثمة علاقات أكثر عمقًا وأشد تعقيدًا بين “موسم الهجرة ···” و “نظرية ما بعد الاستعمار”؛ فالرواية ـــ التي سبقــت النظرية ـــ كانت بمثابة دراسة استكشافية، اعتمدت طاقات الفن الروائي، لترسم صورة مركبة للآثار اللاواعية التي تركتها حركة الاستعمار الأوروبي، على نفسيات الشعوب المستعمِرة والمستعمَرة على السواء، لاسيما نفسيات مثقفيها وعقولهم، سواء خلال فترة الاستعمار أو بعدها· أما نظرية “ما بعد الاستعمار”، التي تبلورت تمامًا في عقدي الثمانينيات والتسعينيات من القرن العشرين ـــ فقد نهضت على أكتاف مجموعة من المثقفين المنفيين، أو أولئك الذين هاجروا، تمامًا مثلما هاجر مصطفى سعيد والراوي والطيب صالح نفسه، من الجنوب إلى الشمال، من البلدان المستعمَرة في آسيا وأفريقيا، إلى المركز الاستعماري، سواء القديم في أوروبا، أو الجديد في الولايات المتحدة·