يحوي هذا الكتاب عدداً من الدراسات تتولى قراءة نماذج من السيرة الذاتية العربية المعاصرة، أقدم أصحابها بوعي وقصد على تدوين نصوص تنشغل بالأنا، تاريخها وسماتها وبيئتها وعلائقها ومعاناتها وتجاربها وتحولاتها. وهذا اللون من الكتابة ينهض من حيث المرجعية على أنا بعينها، لها وجودها المشخص وكيانها الحي، وهويتها المميزة ومنجزها المعروف. وهذ...
قراءة الكل
يحوي هذا الكتاب عدداً من الدراسات تتولى قراءة نماذج من السيرة الذاتية العربية المعاصرة، أقدم أصحابها بوعي وقصد على تدوين نصوص تنشغل بالأنا، تاريخها وسماتها وبيئتها وعلائقها ومعاناتها وتجاربها وتحولاتها. وهذا اللون من الكتابة ينهض من حيث المرجعية على أنا بعينها، لها وجودها المشخص وكيانها الحي، وهويتها المميزة ومنجزها المعروف. وهذه الأنا تحكي تاريخها الشخصي، في خضم تاريخ جمعي تتحرك في إطاره وتتشكل ضمن إيقاعه ونبضه. يثير هذا اللون من الكتابة مجموعة من التساؤلات، تفضي في مجملها إلى محاولة اكتناه ماهية السيرة الذاتية، وخصائصها ومدى قدرتها على بناء نوع أدبي Genre له تاريخه النوعي وشروطه الجمالي، إن أبرز سمات السيرة الذاتية تتمثل في التطابق بين السارد و الشخصية الفاعلة والمؤلف. وقد قاد هذا التطابق فيليب لوجون إلى الاعتقاد بوجود ما سماه بالميثاق السيري. فالسير الذاتية تقترح في تصوره، اتفاقاً مع المسرود له، يحثه على قراءة النص الذي بين يديه بوصفه سيرة حياة الطرف الأول. لكن القراءة لا تؤدي إلى رؤية واحدة بل تفضي إلى تأويلات مختلفة، بالنظر لتعددها واختلاف مستوياتها. فالحديث عن السيرة على هذا النحو، يوهم بتجانس غير متحقق، ويفضي إلى لون من الأحادية في الوعي الكتابي يصعب تصوره.