"أيها العراق، أيها البعيد القريب، أعطنا مساحة من الصبر كي نلقي السلام على بغداد، أعطنا مساحة لأيتام الأمة كي يندبوا حظهم حين لا يجدون إلى الحرية والثورة سبيلاً، أعطنا جداراً نستند إليه فقد غزا الأميركان أرواح الكثيرين منا وشوهوها.. أعطنا يا عراق وردة لهذا الجرح العربي، ومدّ الكلام القدسي إلى مؤته... إلى ذراعي جعفر النازفتين عطر ...
قراءة الكل
"أيها العراق، أيها البعيد القريب، أعطنا مساحة من الصبر كي نلقي السلام على بغداد، أعطنا مساحة لأيتام الأمة كي يندبوا حظهم حين لا يجدون إلى الحرية والثورة سبيلاً، أعطنا جداراً نستند إليه فقد غزا الأميركان أرواح الكثيرين منا وشوهوها.. أعطنا يا عراق وردة لهذا الجرح العربي، ومدّ الكلام القدسي إلى مؤته... إلى ذراعي جعفر النازفتين عطر الفتح على ثراها... أعرف أن الدروب إلى بغداد مسدودة بالغزاة ومرابع القومية فيها صارت مكاتب لعملاء أميركا... فمن يأخذنا إلى هناك؟ لقد تاهت الرؤية، وصرنا في غربتين عن أرواحنا وأمتنا، وذاك هو "المطر النازف من جرح شمس العراق"، ونحن في غمرته قد ابيضت عيوننا حزناً عليه، بينما بعض قومنا يسكنهم الخوف، وقد آثروا السلامة وجلسوا ينظرون عبر الفضائيات والصحف عن مغزى سقوط بغداد، دون أن تهتز لهم روح تخبرهم بأن الذي سقط هو الموقف القومي الغائب، والحلف القومي المنهار حين تركناها تتحمل الحصار وحدها وتقاتل الغزاة وحدها، تركناها تُدمَّر وتُنهب، ويسكنها الأغراب، وقد يصير الفتى العربي فيها "غريب الوجه واليد واللسان"!!.. سيدي العراق يا الذي نسجه الزمان من غيم وورد ونجيع وبيان، وطرزه بالكرامة والعزة والأرجوان، نحن لا نتذكر تاريخاً راحلاً بل نقف عند عتبات مستقبل وليس بين أهلك من لا يعرف قدرك، فقد ظلت خيلك في الساح كلما ألمّ بالأمة مكروه أو مسّ أرضها طامع، ولك الحق أن تقول: "أبناء أعمامنا من أربعين خلت/ونحن نُطيم والنيران تشتجر. ما نالت النار منكم تاج سنبلة/إلا سعى بيدراً منا لها القدر"....أقول بغداد، ها صوتي وها وجعي، فلك في أعناق الأمة دين يظل إلى آخر النهايات والتاريخ، ولك زمان قادم يغيب عنه تجار المواقف، وجواسيس الغرب وعملاؤه، ولك بهمة العراق الموحد، ونشوة الجيش العائد وفرح الفصول والأجيال، لك زهو المدن العتيقة ويقين المآذن والنداء الطالع من ثنيات الجراح. أقول بغداد، ما تزال الأمة يقظى، وما يزال في روحها صبر يكفي للصعود إلى الذرى من جديد... ولتكن المقاومة، ولتكن الحرب، فرحلة تحرير أرض الأمة "ستكون حرباً لا يقر لها قرار".. "بغداد لا غالب إلا الله" نصوص وكلمات تنوء بأوجاع الأمة العربية من محيطها إلى خليجها. فبعد أن كان الحديث فيما مضى عن فلسطين جرحنا النازف؛ ينضم العراق النازف ليعمّق الجرح، وكذا جنوب لبنان، وأرض الشام و.. و... وكذا الخنوع العربي الذي يفجّر براكين أحزان. كل ذلك يصوغه الدكتور خالد الكركي عبارات بقدر ما فيها من ألم ووجع بقدر ما تستثير الهمم وبقدر ما تقوي العزائم لمواجهة المد الأميركي الزاحف إلى عقر دار الأمة العربية.