برز الإسلام بوصفه تنظيماً سياسياً في وسط سياسي قام على الصعيد المحلي على المنطقية القبلية التي ترتكز على كبار العائلات والسلالات. وأمَا على المستوى الجهوري فقد ظهر هذا الإسلام في فترة هيمنة الكيانات الإمبراطورية البيزنطية والفارسية. لقد كان تأسيس الدَولة الإسلامية محاولة للتوفيق بين مبادئ الدولة الجديدة المستلهمة من المرحلة التأ...
قراءة الكل
برز الإسلام بوصفه تنظيماً سياسياً في وسط سياسي قام على الصعيد المحلي على المنطقية القبلية التي ترتكز على كبار العائلات والسلالات. وأمَا على المستوى الجهوري فقد ظهر هذا الإسلام في فترة هيمنة الكيانات الإمبراطورية البيزنطية والفارسية. لقد كان تأسيس الدَولة الإسلامية محاولة للتوفيق بين مبادئ الدولة الجديدة المستلهمة من المرحلة التأسيسية المحمدية ومتطلبات المجتمع الإسلامي الجديد المتمثلة في إحترام الشريعة من جهة؛ وإستعادة ميولات تقليدية موروثة في العادات السياسيَة من جهة ثانية. فلئن كان النظام الورائي هو السائد تقريباً في كل المنطقة السياسية المشرقيَة والمتوسطيَة. فإن صدوع فكرة قداسة السلطة يعود إلى مرحلة الخلفاء الراشدين وما عرفته من قتل للصحابة، وهو ما يجعل مشكل الشرعية مفتوحاً على مصراعيه في الحلبة السياسيَة.لا تنحصر شرعيَة السلطة في ميدان توازن القوى السياسية والعسكرية التابعة لها ولا في مستوى القوى الإقتصادية فقط، بل هي مرتبطة بدرجة كبيرة بالتمثلات الثقافية والدينية لهذه السلطة. وتعمل هذه التمثلات بدورها على حماية الحياة الجماعيَة القبليَة-كالشورى- إلى جانب الميول إلى الحكم الفردي المتشدد والمستبد في بعض الفترات مرجهاً شرعيته إلى أن الإمام هو "خليفة الله".هكذا إحتوت فلسفة الحكم السياسي في العالم الإسلامي على الصبغة القدسيَة التي ظهرت في فترة الخلفاء الرَاشدين وأصبحت أكثر بروزاً مع الأمويين لتهيمن تماماً مع العبَاسيين والكيانات السيَاسية الموازية لهم، خاَصة وأنً أنظمة الحكم فيها جميعاً تقريباً أصبحت تقوم على إنتمائها لبيت الرَسول المرجع الأوَل لشرعيتها حتَى ولو تعسَفت على إنجرارها النسبي.حاولت حياة عمامو في هذا النصَ التأليفي الثاقب التَحليل أن تتناول تنظيم البيت الإسلامي لنظامه السياسي في الفترة الأولى من تواجده (الخلفاء الرَاشدين، الدولة الأموية والعصر الأوَل للدولة العباسيَة). وما تعرَض له مفهوم الشرَعية من تطور خلال هذه الفترة. إنَ طرافة الأستنتاجات المتعلَقة بموضوع السلطة والشرعية في فترة الإسلام المبكر تجعل من حياة عمامو أحد المؤرخين الأكثر إلماماً بالمشاكل السياسية والإجتماعيَة للإسلام الأوَل في المشرق والمغرب.