صلاح الدين الأيوبي، اسم يستوقفك دائماً وأنت تستطلع التاريخ الماضي لأمراء وقادة تركوا بصمة رائعة في تاريخنا الإسلامي. اسم اختلف حوله الكثيرون، وقيل فيه الكثيرون فهو القائد والمصلح والمحاور، إلا أن صيته بين أعدائه كان شهادة له يستضيء بها الكثيرون ممن أرخوا حياة وأعمال هذا القائد.فقد ذاع صيت صلاح الدين الأيوبي بين مسيحي الغرب بأنه ...
قراءة الكل
صلاح الدين الأيوبي، اسم يستوقفك دائماً وأنت تستطلع التاريخ الماضي لأمراء وقادة تركوا بصمة رائعة في تاريخنا الإسلامي. اسم اختلف حوله الكثيرون، وقيل فيه الكثيرون فهو القائد والمصلح والمحاور، إلا أن صيته بين أعدائه كان شهادة له يستضيء بها الكثيرون ممن أرخوا حياة وأعمال هذا القائد.فقد ذاع صيت صلاح الدين الأيوبي بين مسيحي الغرب بأنه مقاتل ومحارب شهم، كريم الخلق، أبي النفس، ولم يكن مقاتلاً مغواراً فحسب، بل كان رجلاً مثقفاً يحب العلم ويشجع العلماء، وقد عمّر المساجد وأصلح الري وبنى القلعة المشهورة بالقاهرة وبعض أسوار القاهرة، ولا بد من الإشارة إلى أن الحروب الصليبية التي شنها مسيحيو أوروبا من القرن الحادي عشر إلى الرابع عشر لاستعادة الأراضي المقدسة "كما يزعمون" من أيدي المسلمين -وقد كانت القدس محور أنظار المسيحيين آنذاك لما لها من شأن رفيع ومكانة كريمة عند جميع المؤمنين- وسميت تلك السلسلة من الحروب بالحملات الصليبية التي كان أهمها الحملة الصليبية الثالثة- حيث أصبحت مملكة الصليبيين معرضة لهجمات المسلمين.وبما أن الحملة الصليبية الثالثة قد فشلت فشلاً ذريعاً في استعادة الأماكن المقدسة -القدس بشكل خاص- من أيدي المسلمين بشكل عام ومن يدي صلاح الدين الأيوبي بشكل خاص، فقد اضطر ملك الملوك -كما كان يطلق عليه آنذاك- ريتشارد قلب الأسد إلى عقد هدنة مع الناصر صلاح الدين الأيوبي لمدة ثلاث سنوات والتي أسميت بصلح الرملة -1192م- سمح بموجبها للحجاج المسيحيين أن يفدوا إلى القدس للحج.لقد كان انتشار صيت صلاح الدين الأيوبي بحق هو أنه بطل معركة حطين -وهي قضية مهمة جداً غيرت مسار التاريخ الإسلامي وقتها- وهي الحرب التي انتهت في الرابع من يوليو (تموز) عام 1187م. بتحرير القدس الشريف من أيدي الصليبيين أعداء الإسلام وحقق بذلك نصراً رائعاً ومميزاً جعل من اسمه منارة يستضيء بها كلّ مغوار.ويورد التاريخ أن الناصر صلاح الدين الأيوبي ربما يكون قد اكتفى بما حققه من نصر في معركة حطين -والتي انتهت بانتزاع القدس الشريف من أيدي الصليبيين- وبدلاً من متابعة الحرب واضعاً يده في يد الخليفة الناصر العباسي حتى طرد الصليبيين من كافة الأرجاء والمدن الإسلامية، اتجه الناصر صلاح الدين نحو بسط نفوذه على بلاد الشام وتمكين ملكه فيها، بعيداً عن نفوذ الخليفة العباسي، أو تدخله في شؤون تصريفه للأمور مملكته هذه.ويورد التاريخ أيضاً أن الناصر صلاح الدين الأيوبي أصدر عام 1190م مرسوماً دعا فيه اليهود إلى الاستيطان في القدس. وكحان الصليبيون أثناء احتلالهم للمدينة قد حظروا على اليهود الإقامة فيها، وحين زار الحاخام اليهودي (يهوذا بن سليمان الحريزي) القدس -عام 1216م- وجد فيها جماعة لا بأس بها من اليهود.وترد الموسوعة اليهودية إصدار ذلك المرسوم، إلى نفوذ الطبيب اليهودي موسى بن ميمون فتقول: استخدم ابن ميمون نفوذه في بلاط صلاح الدين لحماية اليهود في مصر. ولما فتح صلاح الدين فلسطين أقنعه ابن ميمون بأن يسمح لليهود بالإقامة فيها من جديد وابنتاء كنس ومدارس.وهذه الدراسة الموجزة تحاول أن تلقي الضوء على جوانب عديدة من حياة الناصر صلاح الدين معتمدة على ما أثبت عنه في التاريخ العربي مع أن المرء يحار في الوصول إلى حقيقة شخصية الناصر صلاح الدين وسبر أغوار نفسيته المقلقة، خاصة وصلاح الدين الأيوبي هو بطل معركة حطين التي انتهت في عام 1187م. ونتائجها تحرير القدس الشريف من أيدي الصليبيين وتحقيق نصر ملأ مسامع الأقطار وطار صيت الناصر صلاح الدين الأيوبي ليملأ مشارق الدنيا ومغاربها.