إذا كان مضمون التعليم يتجه أكثر فأكثر إلى التركيز على فهم المتعلم للحياة وللنشاط الإنساني فيها بجميع أوجهها وتعميق صلة هذا المتعلم بكل ما يجري حوله وفي العالم وبالتالي معرفته لذاته وللآخر، وأن يتعلم كيف يبني لنفسه وللأجيال اللاحقة حياة أفضل، وكيف يتعامل مع شكل العيش ضمن مجموعات بشرية مختلفة، كيف يؤثر ويتأثر، يعير ويتغير في محيطه...
قراءة الكل
إذا كان مضمون التعليم يتجه أكثر فأكثر إلى التركيز على فهم المتعلم للحياة وللنشاط الإنساني فيها بجميع أوجهها وتعميق صلة هذا المتعلم بكل ما يجري حوله وفي العالم وبالتالي معرفته لذاته وللآخر، وأن يتعلم كيف يبني لنفسه وللأجيال اللاحقة حياة أفضل، وكيف يتعامل مع شكل العيش ضمن مجموعات بشرية مختلفة، كيف يؤثر ويتأثر، يعير ويتغير في محيطه، وكل ذلك حتى يحدد لذاته موقفاً إنسانياً ورؤياً خاصة ونقدية تجاه الحياة والطبيعة والكون ويتآلف معها.إذا كان ذلك هو الهدف الأسمى من التعليم، فإن المسرح بما يتضمنه من إمكانات للحركة والعمل والتعبير على المستويات كافة، هو الأولى والأقدر على تحقيق هذا الهدف الذي لا يمكن أن يقع إلا في خانة التربية المفتوحة. هذا المفهوم الذي يركز على وصل التعليم والمتعلم بالحياة وعليه نجد أن: -الناس يعيشون في أماكن محددة وهي الجغرافيا. -ويعيشون في وكان محدد وهو التاريخ. -ويسعون للحصول على معاشهم اليومي، فيعملون ويتبادلون البضائع وذلك ما يمكن تسميته بالاقتصاد. -ويعيشون في مجموعات بشرية مختلفة (العائلة ومجموعات الصداقة... الخ) التي هي الاجتماع والبيئة. -والناس فوق ذلك ينظمون أنفسهم في وحدات سياسية مختلفة، وهذا ما نسميه دراسة الحكومات والعلوم السياسية. -ويسعون للسلام الروحي فيبحثون عن الجماليات، وتلك هي الفنون والآداب. -وتشدهم الطبيعة إليها بجميع تجلياتها، فيسعون لاكتشاف حركتها وعلومها، وهذا ما نسميه بدراسة العلوم الطبيعية.وكل ذلك لا يمكن أن يكون إلا حلقة درامية متتابعة، وهذه الدرامية في تعدد وجوه الحياة وغناها لن تجد حقلاً لها أفضل من حقل الدراما، عنيت بذلك المادة التي نحن بصدد دورها في التربية المفتوحة.من هنا تنبع أهمية ربط الدروس المسرحية بالعلوم والفنون بعامة واللغة والتاريخ والجغرافيا والتربية البيئية والصحية والمدنية، وذلك بالاستفادة من المعارف والمهارات المكتسبة في الدروس الأخرى ومساعدة المتعلم إلى استخدامها في ممارسته المسرحية.هذا الربط لا يتعارض مع مبدأ المسرح وخصوصيته كفن قائم بذاته، بل يعمل على إغناء منهج المادة ويعززه، لذا، لا أرى أي أساس للتخوف من ربط المسرح بمفهوم التربية الشاملة، خصوصاً إذا علمنا أن معظم مناهج التعليم في العالم تأخذ بهذا الربط منذ زمن وتحديداً في مجال المسرح، وتجعل منه أساساً للعملية التعليمية، على الأقل في مرحلة التعليم الأساسي.سوف تجدون في التطبيقات العملية والدروس النموذجية التي يتضمنها الكتاب خير دليل على معنى دور المسرح في التربية المفتوحة وأهميته، عنيت بذلك دوره كمادة مشوقة جاذبة وقادرة بطواعية على احتضان الحياة بكل ما فيها.وعليه، سوف يتضمن الكتاب مجموعة من المجاور التعليمية، وكل محور سوف يتضمن نص حكاية تعبر عن مضمونه، ويقوم المعلم بقراءة النص أو سرده بمشاركة المتعلمين وبالطريقة التي تفرضها ظروف النشاط.وسيكون النص بمثابة الشرارة التي تحرك وتولد التداعيات التي لا يمكن لأحد التنبؤ بها. في هذا الإطار سوف يتضمن كل مص من النصوص مجموعة كبيرة من المعارف التي تقع في خانة التربية المفتوحة. فلو أخذنا على سبيل المثال لا الحصر، أحد نصوص الكتاب: "آدم وحوار"، المدرج ضمن محور الذات والآخر -بنية الجماعة- سوف يتبين أنه يتضمن مجموعة معارف (جغرافيا، تاريخ، السكان، النشاط البشري، الاقتصاد، العلائق الأسرية)، كما يتضمن أبعاداً جمالية وأدبية وقيماً اجتماعية، إنسانية وثقافية وبيئية.هذه المعارف والأبعاد والقيم سوف تترافق مع عمل المتعلمين لتجسيد مضامينها من خلال المهارات المتنوعة، بحيث تصل الرسالة العلمية بيسر ومرونة دون ضغط أو إكراه.