من بين أهم الدوافع وراء هذه الدراسات محاولة لربط الفكر بالواقع، وتغذية الواقع للفكر في ضوء ما يدور في مجتمعنا من أحداث وتطورات. والفكر التربوي في مجتمعنا العربي، على الرغم من الجهود التي بذلت في سبيل تنقيته وفاعليته، ما زال في حاجة إلى مزيد من النظر والتقليب والمراجعة، ليواجه في جرأة مطالبنا الحضارية والثقافية، وليحقق في ثقة حاج...
قراءة الكل
من بين أهم الدوافع وراء هذه الدراسات محاولة لربط الفكر بالواقع، وتغذية الواقع للفكر في ضوء ما يدور في مجتمعنا من أحداث وتطورات. والفكر التربوي في مجتمعنا العربي، على الرغم من الجهود التي بذلت في سبيل تنقيته وفاعليته، ما زال في حاجة إلى مزيد من النظر والتقليب والمراجعة، ليواجه في جرأة مطالبنا الحضارية والثقافية، وليحقق في ثقة حاجاتنا الاقتصادية والاجتماعية. وما زال النظر التربوي في كثير من آفاقه يتسم بالأفكار المتناقضة التي تجمعت نتيجة لقاء تيارات متعددة من الآثار "المتحفية" لتراثنا القديم، وأفكار غريبة لم تضرب بجذورها في تربة أوضاعنا الاجتماعية نتيجة الرغبة المظهرية في المحاكاة، أو نتيـجة للفـراغ الفكـري، كما أنه يتسـم في كثير من الحـالات بالأفكار "المسـطحة" التي لا نـري لها أبـعادًا تجسـدها أو حـركة في الواقـع الحي. ومن هذا القبيل حداثة الربط بين القوى الحضارية في المجتمع والقوى التربوية فيه، واشتقاق النظر التربوي من التفاعل بين هذه القوى؛ فالتربية ظلت محصورة زمنا طويلاً في المدارس وبين جدرانها، وأفكارنا عن الدوافع السلوكية كانت ميتافيزيقية كأنما تتكون في فراغ، والحديث عن الفرد والمجتمع أخذ صورة مناظرة بين طرفين منفصلين، وكأنما الاهتمامات الفردية والتشكيل الاجتماعي جانبان متميزان. ونتحدث عن المواطن الصالح أو المستنير على مستوى لفظي دون أن نحلل مقومات المواطنة ومكوناتها وواقعها وحركة تكوين الإنسان وتعديل سلوكه. كيف يتحرك الفكر التربوي مع حركة المجتمع، وكيف نواجه مشكلاتنا الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بفكر فاعل دافع يضيء معالم الطريق؟ تلك هي محور هذه الدراسات التي يضمها هذا الكتاب.