ينفرد جودت فخر الدين من بين شعراء جيله بمفرداته. وربما بمغامراته في استخدام مفردات لطالما تجنبها الشعراء. يطوعها ويصقلها وينعمها مثل معماري ينحت أحجاراً من فوضى الصخر. من الديوان نذكر: الموت :هل يكفي لأكتشف السماوات التي عاشت معي؟ الموت لا يكفي : تقولُ سحابةٌ خفقتْ على طرفِ الحديقةِ برهةً, وتقول أمواجُ البحيراتِ التي قد أظلمتْ و...
قراءة الكل
ينفرد جودت فخر الدين من بين شعراء جيله بمفرداته. وربما بمغامراته في استخدام مفردات لطالما تجنبها الشعراء. يطوعها ويصقلها وينعمها مثل معماري ينحت أحجاراً من فوضى الصخر. من الديوان نذكر: الموت :هل يكفي لأكتشف السماوات التي عاشت معي؟ الموت لا يكفي : تقولُ سحابةٌ خفقتْ على طرفِ الحديقةِ برهةً, وتقول أمواجُ البحيراتِ التي قد أظلمتْ وتقول أعشابُ الحقولْ. الموت لا يَكفي... ولا تكفي الحياةَْ.نبذة النيل والفرات:"تذكرت نفسي.. وكنت وحيداً أطل على المشهد الأزلي الذي ملّني، مشهد الماء مختنق الموج بيني وبين حدود الفضاء الذي أتلاشى لديه. تذكرت نفسي هنا حيث آتي لأنسى، لأدخل في المشهد الأزلي الذي ملّني. لم يكن في جواري سوى بقع من ضياء تكسَّر بين غصون الشجيرات حولي.. هي الشمس نحو المغيب كعادتها تتخطى رويداً حدود الفضاء الذي يحتويني وتنثر حولي قبل انطفاءتها في المياه التي اختنقت، بقعاً من شُموسٍ ومضت، وشموس ستأتي.. هي الشمس نحو المغيب كعادتها غير أني توسَّمتُ فيها جميع الشموس التي عانقتني وعانقتها، ودّعتني وودعتها، وتوسمت فيها جميع الشموس التي سأقابلها والتي لن أقابلها.. إنه الضوء يخفق مرتبكاً في جواري، تطلع بي واهناً، وتلألأ بين يدي، تمسك بين فتماسكت، حدّقت فيه، وأبديت عهدي به، فتسلل منسحباً، تاركاً في جواري ذيولاً لخيبته.. إنها لعبة بتُّ أعرفها، آه ماذا إذن؟ كيف أدخل في المشهد الأزلي الذي ملّني؟".