"لا شكَّ أنّكِ قاتِليلا شكّ أنّكِ رغبةٌ سَفّاحةٌ في خاطريلا شكّ أنّ يديْن رائعتينِ سيّبتا حدوديأرْدتا صَلَفي وزيْفي وانْتِحالاتِ يقيني...كلُّ ما أعنيه أنّكِ قاتلي من حيث أولدُ في جنوني" قصيدة لا شكّ من الديوان"غالبا، لا تقع قصيدة الشاعر اللبنانيّ «جهاد الزين» (مواليد 1951) في المطبّات النمطيّة التي تصيب عادة قصائدَ الوزن، إذ إن ...
قراءة الكل
"لا شكَّ أنّكِ قاتِليلا شكّ أنّكِ رغبةٌ سَفّاحةٌ في خاطريلا شكّ أنّ يديْن رائعتينِ سيّبتا حدوديأرْدتا صَلَفي وزيْفي وانْتِحالاتِ يقيني...كلُّ ما أعنيه أنّكِ قاتلي من حيث أولدُ في جنوني" قصيدة لا شكّ من الديوان"غالبا، لا تقع قصيدة الشاعر اللبنانيّ «جهاد الزين» (مواليد 1951) في المطبّات النمطيّة التي تصيب عادة قصائدَ الوزن، إذ إن استخدامات الوزن في قصائده بشقّيْ وزنها، الحرّ والكلاسيكيّ، ليست سهلة لجهة القدرة على نظم تراكيب موزونة تقنع المتلقي بالدرجة الاولى بمنسوبها الشعريّ وجزالتها اللغوية مع دقة وحساسية عاليتين في استخدام اللفظ البليغ الملائم دون الوقوع في فخ التكلف بإقحام حوشيّ الالفاظ أو التكلف حتّى في مداراة عملية التقفية.في مجموعته «شلل مستطير، قصائد من غرفة العناية الفائقة»، مناخاتٌ كأنها خلاصات خبرات حياتيّة طويلة يحفزّها المكان/الزمان الذي يحيل عليه عنوان المجموعة. إنها غرفة فائقة لصناعة ذلك النوع من القصائد التي تكون مهجوسة بنظم كأنه إضاءات متقادمة بشكل جديد على مجالات غير مرئية، غالبا، في الذات أو على صلات حميمة بأشخاص قلائل. مجالات وصلاتٌ لا يُرى إليها عمليّا إلا من كوة الشعر. في هذا الحيز، تصير ثيماتٌ كالموت بأشكاله وايحاءاته وتمثلاته أو الذاكرة بما تعكسه في مرآة الامكنة هي الثيماتُ التي يتكئ عليها مزاج اللغة الشعرية. «ألاقيكمُ ساعتينِ من الآنَ في أي مقهى أردتمْ/ فلا تبخلوا بالمجيء/ ولو أن جنّاز دفني انتهى/ وغادرتمُ بعد تقديمكم للعزاء» (ص35)، «ومع أنّ مقبرتي شبه جاهزة قبل حتّى ولادة جدّي/ فلن ينقضي اليوم إذ وُوريتْ في الثرى جثتي/ دون طرحي سؤالا عليكمْ إذا عدتمُ للقائي سريعا/ وفي أيّ مقهى أردتمْ/ على كوب قهوة أو كاسِ شاي: لماذا يكون الضريح أنيقا وليس أليفا؟» (ص36)، «فنم بين أصوات كلّ الذين أحبوك وقد كثروا فجأةً قرب شباكِ غرفتك المعتمة» (ص29) «احتسبْ زمنَ الخديعة بعد دفنك في الصباح (ص25)، «وحيدٌ ولست الوحيد فماذا ستفعل هذا الصباح لتخفي براهين يومٍ سخيف» (ص21)،» غشاءٌ رقيقٌ على الذاكرهْ/ فأحلامها لم تزل ماكرهْ/ وسوف تجيء إلى كهفها/ ككلِّ اللصوص الذين تخطتهم القافلة» (ص33)." جريدة السفيرلو قيّض لجهاد الزين لما كتب كلّ ما كتب إلّا قافيةً ووزنًا. فاللغة عنده آلة موسيقيّة عملاقة أو علبة ألوان مبهرة يلاعبها ويتحدّاها، في حضرة أصدقائه الخلّص وحارسات أحلامه المحبّات. الشعر سرّه المعلن ومتعته وحنينه إلى مدن وناس هم منه الحياة والبهجة. قبل شلل مستطير كتب جهاد الزين عن اسطنبول وبغداد، أمّا ديوانه الحالي الموسوم بخاتم الضفّة الأرى من المرآة، ضفّة العناية الفائفقة، فدمشق المفضية بلا ريب إلى بيروت هي الحاضرة في كلّ صفحاته حضور الوجوه الحبيبة التي سهرت عليه متوعّكًا.
