الحمد لله رب العالمين الذي ميز الإنسان عن سائر المخلوقات، وخصه بنعمة الزواج التي ترقى به عن الدائرة الحيوانية إلى العلاقة الروحية التي تحقق مقاصد الزواج، وتؤدي إلى حفظ النوع الإنساني فقال الله عز وجل: ( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) ، والصلاة والسلام على ...
قراءة الكل
الحمد لله رب العالمين الذي ميز الإنسان عن سائر المخلوقات، وخصه بنعمة الزواج التي ترقى به عن الدائرة الحيوانية إلى العلاقة الروحية التي تحقق مقاصد الزواج، وتؤدي إلى حفظ النوع الإنساني فقال الله عز وجل: ( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) ، والصلاة والسلام على أشرف الخلق والمرسلين سيدنا محمد القائل: ( الثيب أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأذن، وإذنها سكوتها) وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن اهتدى بهداه وسار على نهجه إلى يوم الدين. وبعد: إن الزواج يؤدي إلى تكوين الأسرة التي هي اللبنة الأولى في بناء المجتمع، فصلاح المجتمع من صلاح الأسرة وفساده من فسادها، لذا فقد أعطت الشريعة الإسلامية الأسرة جل اهتمامها، وأولتها عناية ورعاية خاصة، وقد حرصت الشريعة الإسلامية الغراء على دوام الحياة الزوجية واستقرارها.ومن أجل الحفاظ على الحياة الزوجية ودوامها، فقد جعلت الشريعة الإسلامية رابطة الزواج الشرعي القائم على كتاب الله وسنة رسوله e هي الوسيلة الوحيدة لتكوين الأسرة المسلمة، ولقد بلغ تعظيم الإسلام لهذه الرابطة أن اعتبرها معادلة في الأهمية لشطر الإسلام فقال الرسول( من رزقه الله امرأة صالحة فقد أعانه على شطر دينه فليتق الله في الشطر الباقي).ونظراً لقداسة عقد الزواج وعظم خطره، فقد سماه الله عز وجل بالميثاق الغليظ -أي العهد المؤكد باليمين - فقال سبحانه وتعالى:( وأخذن منكم ميثاقاً غليظاً) ، واهتمت الشريعة الإسلامية به، فأحاطته بسياج حصين، وسور متين، وحرصت على توثيقه فحددت الأركان والشروط التي لا بد منها في لصحة عقد الزواج وانعقاده ولزومه ونفاذه، ومن أجل المحافظة على ديمومته وبقائه.وبعد أن فرغت من الكتاب الأول في الأحوال الشخصية، والذي يبحث في مقدمات عقد الزوج، كان لا بد استكمالاً للموضوع أن أبحث في مقومات عقد الزواج وآثاره، وقد خصصت هذا الكتاب للحديث عن مقومات عقد الزواج، وقسمته إلى أربعة فصول هي: الفصل الأول بعنوان: تعريف الزواج ومشروعيته، وقد اشتمل على تعريف الزواج ومشروعيته وحكمه، وكان الفصل الثاني بعنوان: أركان وشروط عقد النكاح التي لا يقوم إلا بها، وقد احتوى على أركان عقد الزواج وهي صيغة العقد والعاقدان ومحل العقد، وشرائط النكاح التي لا يقوم إلا بها وهي قسمان هما شرائط الصحة وشرائط الانعقاد، أما الفصل الثالث فكان بعنوان: الشرائط الشرعية المتممة لعقد الزواج، وقد تتضمن شرائط اللزوم وشرائط النفاذ، وأما الفصل الرابع فكان بعنوان: الشروط القانونية لعقد الزواج، وقد بينت فيه الشروط التي تسبق عقد الزواج وشروط تسجيل عقد الزواج.