هذا كتاب على كثرة عناوينه، كتب بقلم ما فتئ عمر صاحبه حين كتبه في العشرينات والثلاثينات، وكلها كتبه ومازال يشعر بالغربة. قد كنتُ طيلة تلك الفترة غريباً حقاً, أو قل إن شئت منطوي مع نفسي التي أخذت تشعر بلذتها مع الكتاب والقلم، فما وجدت من يؤنسني غيرهما، ولا أظن أن يطيب لي غيرهما.فهذا الكتاب يحوي على عناوين غزيرة، كتبت في فترات ليست...
قراءة الكل
هذا كتاب على كثرة عناوينه، كتب بقلم ما فتئ عمر صاحبه حين كتبه في العشرينات والثلاثينات، وكلها كتبه ومازال يشعر بالغربة. قد كنتُ طيلة تلك الفترة غريباً حقاً, أو قل إن شئت منطوي مع نفسي التي أخذت تشعر بلذتها مع الكتاب والقلم، فما وجدت من يؤنسني غيرهما، ولا أظن أن يطيب لي غيرهما.فهذا الكتاب يحوي على عناوين غزيرة، كتبت في فترات ليست متباعدة كل البعد عن نفسي ومكنونتي، فأصبحت أنسى في عزلتي وانطوائي الذي اخترته في بداية العشرينات وحتى الآن.فهذا الكتاب أراه بفطنتي إنه يعيد للنفس راحتها، وللأديب والغريب معاً شعاع من نور فيه ما يهدى إليه كل من وجد نفسه بعيداً عن الضوضاء، وعن الناس بكل صفاتهم من مساوئ ومحامد، بل ولعلي أدرك بصحة قولي إن قلت، إن هذا الكتاب أنس للغريب، وليس بغريب عن الأوطان والأهل والخلان, كلا إنما الغريب في زمان قلَّ فيه المهتد إلى أن العزلة خير من الصحبة والخلطة الذي هو عندي بلاء أي بلاء.فدونك هذا الكتاب أيها القارئ أينما كنت، فلعلك تسعد به ولعلك تعرف من خلاله لماذا آثرت الكتاب والقلم, وعن الخلطة المسبب للشتات، والمؤدي ولا ريب للإيذاء.فخير سبيل أن تؤنس نفسك بهذا الكتاب أو غيره من الكتب، وتريح ذهنك عن الارتياب والوسواس، وتنقل روحك إلى المعالي لُحسن صحبتك به, فإنه الجليس الذي لا يُمل والعزيز عند الفقد. فهذا الكتاب وعلى ما فيه لكل أُنس للغريب وأسوة للأديب أقدمه لك والسلام.المعتصم باللهأبو الحسن تركي الدهماني