ليس الحديث عما سقط من أفواه الرواة مهم، بقدر ما هو عن الراوي الذي يتأمل ذاته من خلال هؤلاء. باعتباره وسيطاً لتمرير معرفة ما عن الذات.. هذا الوسيط ليس ممراً جامداً وإنما أشبه بروح لا تقتصر بالحديث عن نفسها ولكنها تنطوي على أوراح أخرى مشابهة يمكن التعرف على كل واحدة منها من خلال الأخرى، وهذا ما فعله "بدر السماري" في نصوص ذات رؤية ...
قراءة الكل
ليس الحديث عما سقط من أفواه الرواة مهم، بقدر ما هو عن الراوي الذي يتأمل ذاته من خلال هؤلاء. باعتباره وسيطاً لتمرير معرفة ما عن الذات.. هذا الوسيط ليس ممراً جامداً وإنما أشبه بروح لا تقتصر بالحديث عن نفسها ولكنها تنطوي على أوراح أخرى مشابهة يمكن التعرف على كل واحدة منها من خلال الأخرى، وهذا ما فعله "بدر السماري" في نصوص ذات رؤية شمولية لا تختص بمكان وزمان محدد، بل جاءت كاقتناصات منعزلة في سياقاتها، تشكل قراءة لما يكتبه الآخرون، وتشريح لمضامينه، من دون محاكمته، بل يترك للقارئ أن يحكم بنفسه.تحت عنوان (لمن تغني الأقلام) نقرأ: "كان الشاعر يهذي. يكتب سطراً ويمحو آخر، يعود ليكتب بيتاً ثم يمحو بيتاً آخر. تنتابه حمى الكتابة، ينز العرق من أعلى حاجبيه غزيراً حتى تنبت غيمتان أمام عينيه. تستوطن أحداقه، وبصره معلق في أوراقه المبعثرة فوق طاولة خشبية عتيقة في غرفة قصية من الشقة. اختلطت فيها رائحة التبغ بعض الملابس الوسخة والمرمية في ركن من أركانها...".ما يميز هذا العمل فضلاً عن المستوى البلاغي في توظيف الصور والتقاطها، هو هذه القدرة على التفكيك، والتفسير، والنقد، والجدل، والمقارنة بين كتابة وأخرى، أو راوٍ وآخر، باختصار انها كتابة خاصة تحتاج قراءات خاصة.من عناوين الكتاب نذكر: 1- مساء رطب وهجينية، 2- أوزار، 3- ثقوب، 4- فصل في العولمة، 5- الجن لا يوقظون النائمين، 6- لمن تغني الأقلام، 7- أحلام لا تموت، 8- بذرة من جفاف... الخ