يقدم هذا الكتاب رؤية نقدية مهمة في مسارات العولمة وحوار الحضارات من خلال إبراز المؤلف للوجه الآخر للعولمة غير وجهها البادي إمامنا. يعتبر مؤلف الكتاب إن ثمة مفهوماً للعولمة غير ذلك الذي يتبادر تلقائياً من خلال التداول الديما غوجي للكلمة، فهي اليوم تحور جدل كوني يوحي بأنها مرحلة تسلَط هائل على القيم والأشياء، أي مرحلة القضاء على ا...
قراءة الكل
يقدم هذا الكتاب رؤية نقدية مهمة في مسارات العولمة وحوار الحضارات من خلال إبراز المؤلف للوجه الآخر للعولمة غير وجهها البادي إمامنا. يعتبر مؤلف الكتاب إن ثمة مفهوماً للعولمة غير ذلك الذي يتبادر تلقائياً من خلال التداول الديما غوجي للكلمة، فهي اليوم تحور جدل كوني يوحي بأنها مرحلة تسلَط هائل على القيم والأشياء، أي مرحلة القضاء على الدولة الإجتماعية. ومن المفارقة أن يكون شعار الليبرالية بالأمس القريب: دعه يعمل، قد تحول في غمرة المضاربات المالية إلى شعار: دعه يربح، مما يعني خضوعاً لمنطق الشركات الكبرى وحرمان قسم كبير من الناس من حق العمل والضمان الإجتماعي. فاللعبة برأي "إدريس هاني" إذن تنطلق من أروقة الشركات الكبرى المتعددة الفروع والجنسيات وليست خطاباً إنسانوياً تصوغه الأفكار.ما يميز هذا الكتاب ويحشره في زمرة الأعمال الفكرية المعاصرة الجادة هو أنه يتبع أكثر من اتجاه في تحليل مسارات العولمة في العصر الراهن من حيث علاقة الشمال والجنوب، ووضع العرب في التفسيم الدولي للعمل، واختراق الثقافة الغربية "ثقافة العولمة" إلى الدول العالم ثالثية، وتعدد الثقافات وصولاً إلى زمن تأليف الكتاب في بداية العام 2001، حيث بدت مسألة الهوية الثقافية على السطح بقوة فجاء هذا الكتاب توطيداً لأرضية الإختلاف، ومؤسساً لمنظور آخر للهوية الثقافية... جدير بالإهتمام.