المشهد الثقافي في المملكة العربية السعودية مشهد غنيّ ومتنوع ومتعدد الجوانب، لذا كان اهتمام الدكتور إدريس بلمليح بالجانب الإبداعي والنقدي من هذا المشهد وهذه الدراسة عن الذات الإبداعية المنكسرة والانبعاث في شعر عبد الله محمد باشراحيل التي يتقدم بها إلى القارئ العربي تندرج من هذا الإطار. وهي تمثل رحلة رائعة مع شاعر عربي متميز، ينتم...
قراءة الكل
المشهد الثقافي في المملكة العربية السعودية مشهد غنيّ ومتنوع ومتعدد الجوانب، لذا كان اهتمام الدكتور إدريس بلمليح بالجانب الإبداعي والنقدي من هذا المشهد وهذه الدراسة عن الذات الإبداعية المنكسرة والانبعاث في شعر عبد الله محمد باشراحيل التي يتقدم بها إلى القارئ العربي تندرج من هذا الإطار. وهي تمثل رحلة رائعة مع شاعر عربي متميز، ينتمي إلى زمرة قليلة من الشعراء المعاصرين الذين تنوعت مشاربهم الثقافية وتعددت توجهاتهم الإبداعية الأصيلة.وقد حاول صاحب هذه الدراسة وبحكم هذا التعدّد وذلك التنوع أن ينظر في ما قد يُظَنّ أنه جانب تقليدي لدى هذا الشاعر، فاستخلص أنه سعى في الرثاء وفي المديح إلى صياغة قصيدة جديدة تمتاح من التراث ومن الحداثة في آن واحد. إذ عمل على تأسيس تغريض جديد لهذين الفرضين العريقين في القدم، ثم صاغ بعض ذلك في إطار ما يسمى بتفعيلة منكسرة تعتمد وحدة بنائية هي السطر الشعري.ثم نظر الباحث فيما يمكن أن يسمى تغزلاً، فوجد أن الأمر يتعلق لدى عبد الله باشراحيل باندماج حيوي للذات الإبداعية بموضوعها الذي هو المرأة، هذا الاندماج الذي أسفر لديه عن ألم حاد وغائر في النفس، يتميز بتوجه رومانسي من الممكن أن يقترب إلى الشابي ومطران وإيليا أو ماضي.ولكنّ هذا التوجه الرومانسي لم يكن ليزيح الذات عن قضاياها الوطنية والقومية لتركز اهتمامها على الشكوى والألم والمعاناة، بل صعّدت من ذلك لتجد جرحها في لبنان وفي فلسطين وفي القضايا العربية والإسلامية المحكومة بالظلم الإسرائيلي المتمكن، وهو ما أدى بالباحث إلى استخلاص مبدئي يتجلى من أن هذه الذات ذات منكسرة بذلك الجرح، ولكنها من الوقت نفسه ذات تعمل على استيعاب هذا الجرح ومحاولة مجاوزته، وذلك عن طريق ما وجدته في المقاومة اللبنانية والفلسطينية. من أمل كبير في المستقبل الذي لا بد من أن يتغير إلى تسوية القضية العربية التي تعتبر حجر الزاوية في الصراع التاريخي المرير الذي تخوضه الأمة الإسلامية في سبيل إزاحة الظلم من أجل بناء حضارة متميزة بهويتها الأصيلة وطابعها الإنساني الخاص.