تحدد أهمية الإسلام في حياة تركيا المعاصرة، إلى حد بعيد، بانه وحسب الإحصائيات الرسمية، يشكل المسلمون 98% من سكان تركيا، غالبيتهم من السنّة والشيعة (العلويون) 30%، يقطن العلويين في الولايات الشرقية والجنوبية الشرقية من البلاد، بعض القضاء على السلطنة (1922) والخلافة (1924) نفذت الحكومة التركية بزعامة كمال أتاتورك العديد من الإجراءا...
قراءة الكل
تحدد أهمية الإسلام في حياة تركيا المعاصرة، إلى حد بعيد، بانه وحسب الإحصائيات الرسمية، يشكل المسلمون 98% من سكان تركيا، غالبيتهم من السنّة والشيعة (العلويون) 30%، يقطن العلويين في الولايات الشرقية والجنوبية الشرقية من البلاد، بعض القضاء على السلطنة (1922) والخلافة (1924) نفذت الحكومة التركية بزعامة كمال أتاتورك العديد من الإجراءات صبت في مصالح البرجوازية الوطنية، وبهدف وضع المؤسسات الدينية تحت إشراف الدولة.إتخذ المجلس الوطني التركي العظيم، في آذار / مارس 1924، قانوناً حل بموجبه وزارة الشريعة والأوقاف، وحل محلها إدارة الشؤون الدينية وإدارة الأوقاف الدينية، كما قامت حكومة الجمهورية الجديدة بإغلاق المحاكم الشرعية وأصلت محلها المحاكم المدنية، وكان عام 1926 هو العام الأخير الذي طبقت فيه قوانين الشريعة الإسلامية، حيث حلّ بعدها القضاء المدني، الذي منع تعدد الزوجات والقيام بمراسم الزواج الشرعية... إلخ.وعلى التوازي مع ذلك أدخلت إصلاحات إلى التعليم الإبتدائي! أغلقت الكتاتيب وأنيطت مسألة التعليم الديني إلى وزارة التربية، ولاحقاً وفي عامي 1931 و 1935 صدرت أوامر وتعليمات توجب منع الدروس الدينية في المدارس الإبتدائية والإعدادية، أدت الإجراءات العلمانية الكمالية إلى الحدّ من التأثير الفكري للإسلام، إلا أنها لم تستطع أن تنزع جذوره الإجتماعية.وفي النتيجة، وبغض النظر عن أن تركيا كانت تساس من قبل حكومات مدنية دنيوية، بقي العامل الديني مؤثراً على الحياة السياسية للبلاد، كان الوسط الإجتماعي الخاضع لهيمنة الدين بتوسع بالمعنى الحقيقي، وينشط أيضاً وهذا ما لاءم نشاطات مناصري الأسلحة المعتمدين رجال الدين ودوائر ا لقطاع وقسم من البرجوازية الوطنية.هذه العوامل السياسية والإجتماعية والإقتصادية وتلك ذات الطابع الإيديولوجي، كانت تستدعي تقوية التوجهات الدينية في سياسات الدوائر الحاكمة التركية التي بدأت بوادرها تظهر للعيان في نهاية الثلاثينات، أي مباشرة بعد وفاة أتاتورك، وخصوصاً بعد مجيء الحزب الديموقراطي إلى السلطة في العام 1950 على الرغم من أن زعامته.كما يشير الباحث السياسي التركي د.إيراغلوا، لم يكونوا سابقاً قطعاً من أنصار الإسلام التقليدي الثيوقراطي النزعة، وخلال العشر سنوات التي أمضاها هذا الحزب في السلطة تغرت علاقة الحكومة بالدين تغيراً كبيراً، وكان أن تم القضاء على منهج أتاتورك "العلمانية العسكرية" قضاء مبرماً.وهكذا يتابع الكاتب في تقديم صورة الحياة السياسية التركية بعد ظهور المنادين بعودة تطبيق الإسلام في الحياة التركية، حيث بدأ إنتشار الأمزجة الدينية في حياة تركيا السياسية، في المقام الأول، في إزدياد شعبية الأحزان يمثل مصالح الرأسمال التجاري في الأناضول، وتأسس عام 1922 على أرضية حزب النظام الوطني تزعم حركة أنصار التقاليد الإسلامية التي كانت واسعة الإنتشار، كانت أهداف حزب الخلاص الوطني تنحصر في الآتي: "أن تركيا كبقية "الدول الإسلامية" يجب عليها "إتخاذ القرآن الكريم كأساس للدستور، الأمر الذي يسمح للبلاد بالحقوق في وجه الأزمات السياسية والإقتصادية"، "يجب تحويل تركيا من دولة دنيوية إلى جمهورية إسلامية، تعيش على قوانين الشريعة، ومن الضروري أسلحة أنظمة التعليم... يجب على تركيا قطع علاقاتها مع الغرب، حلف الناتو والإتحاد الأوروبي، و"إعادة دورها القائد الإسلامي"، وخلال سبع سنوات مرت قبل إنقلاب 1980، كان حزب الخلاص الوطني وزعيمه نجم الدين أرباكان يلعبان دوراً جلياً في حياة البلاد السياسية، وكان كل من بولنت أجاديد زعيم حزب الشعب الجمهوري، الذي يتمتع بأفكار ليبرالية، وسليمان ديميريل، الأمين العام لحزب العدالة، كانا في عدد من المرات يتوجهان إلى نجم الدين أرباكان لتشكيل حكومات إئتلافية مع حزبه، ومع صعود النجم السياسي لحزب الخلاص الوطني لم يكن هناك من مفر من تجاهله، مما عمل على تغيير في الخط السياسي التركي داخل تركيا وخارجها، وليتابع نشاطاته فيما بعد رغم الضغوط التي مورست على زعيمه نجم الدين أرباكان، وليتم في ما بعد تأسيس حزب الرفاه الذي ولد من رحم حزب الخلاص الوطني.فيتابع الكاتب إعطاء صورة عن المشهد السياسي الإسلامي التركي مبيناً أهم المنعطفات التي شكلت تحولاً جذرياً في السياسة التركية أدت تراجع الوزن السياسي العلمانية التركية، إلى جانب ذلك يفتح الكاتب ملف الحجاب والسفور في تركيا والذي بالإمكان القول أنه وكان كان للعلمانية التأثير السلبي في هذا المجال، فإنه وعلى نفسي الواقع غدا فيما بعد للأحزاب السلامية تأثيره على هذا الملف، وللقارئ متابعة هذين الملفين الذين يشكلا الآن منعطفين هامين في الحياة التركية على جميع الأصعدة وتجدر الإشارة إلى أن هذا الكتاب هو الثامن في سلسلة الأعمال الكاملة للكاتب يوسف الجهاني.