محيي الدين ابن عربي هو واحد من أشهر رجال التصوّف، وعلم من أعلام أصحاب الحقيقة، وقطب من أهم أقطاب أهل الطريقة، وشاعر فحل من شعراء التصوف والعرفان والحب الإلهي، رأى أن العالم كله يقوم بحقيقة الإنسان الكامل، وأن الأفلاك تدور بأنفاسه، مدّعياً أنه وصل إلى مقام المشاهدة والكشف والذوق، وهو مقام، في عرف المتصوفة، غير قابل للعبارة أو الإ...
قراءة الكل
محيي الدين ابن عربي هو واحد من أشهر رجال التصوّف، وعلم من أعلام أصحاب الحقيقة، وقطب من أهم أقطاب أهل الطريقة، وشاعر فحل من شعراء التصوف والعرفان والحب الإلهي، رأى أن العالم كله يقوم بحقيقة الإنسان الكامل، وأن الأفلاك تدور بأنفاسه، مدّعياً أنه وصل إلى مقام المشاهدة والكشف والذوق، وهو مقام، في عرف المتصوفة، غير قابل للعبارة أو الإشارة، ولا للسؤال أو الجواب، ولا للمجادلة أو المباحثة، فكان علم الشريعة بالنسبة إلى علم الطريقة، والحال هذه، كالقشرة بالنسبة إلى اللب، وقل الأمر عينه في ما يخص علم الطريقة بالنسبة إلى علم الحقيقة.وقد اختلف الناس عامة، والعلماء خاصة، في ابن عربي، ما بين مكفر ومسفهٍ إياه، مزر عليه أقواله وشطحاته الصوفية، وبين متعصب له، معظم قدره وفكره وعلمه وعبقريته بحي أنه اعتبر في نظر هؤلاء أمام المتصوفة والحقيقة، وقطب الزمان الذي هيهات أن يأتي الزمان له بثانٍ، وقد كانت شهرة ابن عربي، في الأصل، على كتابين اثنين يعتبران بحق، من أمهات كتبه المتداولة التي لم تفقد في ما فقد له من كتب، والكتابات هما: "الفتوحات المكية، وفصوص الحكم" ولأن هذين الكتابين كان وضعهما ابن عربي بأمر من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لما تحكى له في الحلم، وهما يتضمنان خلاصة أفكاره وآرائه وأبحاثه ومعتقداته في الحكمة والتصوف والعرفان والعلوم الإلهية، وتوخياً لعرض أفكاره ابن عربي وآرائه الصوفية عرضاً أميناً موضوعياً بمعزل عن إبداء الرأي استحساناً أو استهجاناً، واستمساكاً بعرى منهجية تاريخية صارمة بعيدة عن التحليل أو التعليل والاستنتاج والتفسير، وبعيداً عن الأطناب المحلل تم العمل في هذا الكتاب "محيي الدين ابن عربي التصوفية، والعرفانية، من خلال ما جاء في كتابية الفتوحات المكية، وفصوص الحكم، إذ هما بحق جماع فكر ابن عربي، ولباب فلسفته التصوفية.وقد عمد المؤلف في فصول الكتاب الأول: الأول والثاني والثالث إلى التعريف بالتصوف معناه مبادئه، أوراده، أفكاره، ومن ثم التعريف بسيرة حياة هذا القطب الصوفي وعرض لأهم آرائه ومعتقداته وأما خاتمة الفصول، وهو الرابع، فقد كان عبارة عن مختارات شعرية قالها ابن عربي في التصوف والعرفان والحب الإلهي، ثم استقاذهما من الفتوحات المكية، ومن ديونه الشعري الجامع، يضاف إليه ديوانه الآخر الموسوم بـ: ترجمان الأشواق".