كان هيكل وما يزال ظاهرة عربية وليست فقط مصرية. وقد أثار قراره بالانصراف عن الكتابة لدى بلوغه الثمانين في 23 سبتمبر/أيلول 2003 ردود فعل لا سابقة لها، تماماً مثلما هو ظاهرة غير مسبوقة. توقف محمد حسنين هيكل عن الكتابة عند بلوغه الثمانين، وسيظل هناك جدل حول مدى سلامة هذا القرار أو خطئه، والأسباب الحقيقية التي دفعته إلى اتخاذه. استخد...
قراءة الكل
كان هيكل وما يزال ظاهرة عربية وليست فقط مصرية. وقد أثار قراره بالانصراف عن الكتابة لدى بلوغه الثمانين في 23 سبتمبر/أيلول 2003 ردود فعل لا سابقة لها، تماماً مثلما هو ظاهرة غير مسبوقة. توقف محمد حسنين هيكل عن الكتابة عند بلوغه الثمانين، وسيظل هناك جدل حول مدى سلامة هذا القرار أو خطئه، والأسباب الحقيقية التي دفعته إلى اتخاذه. استخدم هيكل تعبير "الانصراف" للدلالة على قراره، ولذلك رأى أن يستأذن قراءه. كان هذا نبأً حزيناً لكثير من محبي قلمه وكتابته سواء اتفقوا معه أو اختلفوا. فهو ظاهرة فريدة في تاريخ الصحافة المصرية والعربية بوجه عام. وأحد أوجه تفردها هو هذا التوافق الواسع عليه، والذي ظهر بوضوح كردّ فعل على انصرافه. ولكن هيكل لم ينصرف إلا بعد أن فعل أكثر مما فعله غيره. وسيظل أهم ما فعله هو تشييد مدرسة كبرى. ستبقى مفتوحة لكل من يريد أن يتزود منها.لذلك لا بد من التنبه إلى العمل على تأصيلها بطريقة علمية موضوعية بعد أن انتهت ردود الفعل العاطفية على انصرافه. وهناك الوفرة في من يمكنهم أداء هذا العمل من بين تلاميذه ومحبيه في مختلف الأجيال. ولكي لا تكون هذه الدعوة في الهواء بالطريقة الشائعة في عالمنا العربي، رأى الدكتور وحيد عبد المجيد أن يقرنها بمساهمته الصغيرة هذه في هذا التأصيل، يتناولها من خلالها جانباً خفياً إلى حدّ كبير في مدرسة هيكل، وهو طريقته الفريدة في كتابة عدد من كتبه باللغتين العربية والإنكليزية، وليس الترجمة من إحداهما إلى الأخرى. وهذه تجربة فريدة حقاً لم يسبق غيره إليها، ولا لحق به أحد إليها حتى الآن. وقد ارتأى الدكتور عبد المجيد أن يبدأ كتابه هذا بقراءة نقدية في أهم ما كتبه كتّاب عرب غير مصريين في هذه المناسبة، قبل شروعه في محاولة أولى لتأصيل تجربته في الكتابة بلغتني لقرّاء مختلفين من خلال المقارنة بين النسختين العربية والإنجليزية لكتابه المهم عن المفاوضات السرية بين العرب وإسرائيل.