لقد حاول وائل حلاق في كتابه "نشأة الفقه الإسلامي وتطوره" أن يجذر الثقافة العربية الإسلامية في سياقها الحضاري العام، سياق ثقافة الشرق الأدنى بصورة عامة، تلك الثقافة التي كانت رافداً من روافد شرائع بلاد ما بين النهرين وفارس وغيرهما. فكان على الكاتب إذن أن يتجاوز ما سعى الفكر الغربي إلى ترسيخه منذ عقود عديدة حيث روح أطروحة مفادها أ...
قراءة الكل
لقد حاول وائل حلاق في كتابه "نشأة الفقه الإسلامي وتطوره" أن يجذر الثقافة العربية الإسلامية في سياقها الحضاري العام، سياق ثقافة الشرق الأدنى بصورة عامة، تلك الثقافة التي كانت رافداً من روافد شرائع بلاد ما بين النهرين وفارس وغيرهما. فكان على الكاتب إذن أن يتجاوز ما سعى الفكر الغربي إلى ترسيخه منذ عقود عديدة حيث روح أطروحة مفادها أن الفكر الإسلامي وخاصة الفقه ليس سوى امتداد للفكر والمنطق اليونانيين، وقد نجح حلاق إلى حد بعيد في تأكيد استفادة الفقه الإسلامي من شرائع ما بين النهرين وأعراف عرب الجاهلية وعاداتهم فضلاً عما جاءت به الأديان الكتابية الكبرى، إلى جانب قيامه على الهدي القرآني والسنة النبوية طبعاً.وما من شك في أ ن الكاتب استثمر ما كشفت عنه الدراسات الأثرية والحفريات المعاصرة في الجزيرة العربية من قيام حضارة مدنية مكينة في عدد من نواحيها، عرفت حياتها استقراراً أفاد من نشاط حركة التجارة بالمنطقة وهو ما سهل تأثر القبائل العربية بغيرها مت لشعوب في الممالك المتاخمة بل حتى في الإمبراطوريات البعيدة. وعلى هذا النحو ساغ له التشكيك في الصورة المتداولة عن الأعراب الرحل الذين يضربون في الصحراء بحثاً عن الكلأ والمرعى.