الاستشراق المتأسلم في فرنسا (1698-1798) –على مدار زمن طويل لم يكن الاستشراق يستشعر حاجة إلى التساؤل عن أصوله ولا عن أسسه وقد ركن إلى وجوده وكان كذلك كافيا له لكن حركة نزع الاستعمار العامة قد أرغمته على أن يضع نفسه موضع التساؤل وعلى أن يسأل ما إذا كان لم يتورط فى أغلب الأحيان مع الاستعمار والحال أن محصلة هذه الأزمة قد تمثلت فى تع...
قراءة الكل
الاستشراق المتأسلم في فرنسا (1698-1798) –على مدار زمن طويل لم يكن الاستشراق يستشعر حاجة إلى التساؤل عن أصوله ولا عن أسسه وقد ركن إلى وجوده وكان كذلك كافيا له لكن حركة نزع الاستعمار العامة قد أرغمته على أن يضع نفسه موضع التساؤل وعلى أن يسأل ما إذا كان لم يتورط فى أغلب الأحيان مع الاستعمار والحال أن محصلة هذه الأزمة قد تمثلت فى تعريف مزدوج للاستشراق هو فى آن واحد عقلانى علمى وغربى . وهكذا يذهب مكسيم رودنسون إلى أن الاستشراق المتأسلم هو نتيجة "لعدد معين من الممارسات العلمية فى أوربا وأمريكا وهى ممارسات تهتم بدراسة شعوب البلدان الإسلامية أى مجموع الشعوب التى يهيمن الإسلام بينها ومجتمعاتها وحضاراتها ولغاتها " . ويرى محمد أركون أن الاسلامولوجيا (علم الدراسات الإسلامية) هى خطاب غربى يهدف إلى تكوين تصور عقلانى حول الإسلام بينما يكتفى المسلمون أنفسهم بالتحدث عن الإسلام مثلما يتحدث المسيحيون عن المسيحية . أما دومينيك شافالييه فهو يشدد على أن واقع أن العلم التاريخى نفسه هو نتاج حضارة أوربا الغربية وأن صوغه إنما يتجاوب مع حاجة إلى تفسير هذه الحضارة وتطورها وتوسعها . وغالبا ما يؤدى التطبيق الميكانيكى للمفاهيم التاريخية الغربية على الواقعية الشرقية إلى أخطار فى الحكم خاصة فى عصر العلم "الاستعمارى" ومن ثم يجب التشديد على الخصوصية وهو "ما لا يؤول إلى إثارة نقاش حول العالمية بل حول المستوى الذى تحتله الهوية الفعلية للطبيعة البشرية عبر تبايناتها المحلية" . .