العقود الدولية وخضوعها للقواعد الموضوعية

الموضوع الذي تعالجه هذه الرسالة هو غاية في الأهمية الآن، حيث يناقش مشكلة منهجية في القانون الدولي الخاص، هي مشكلة القواعد المادية أو القواعد الموضوعية، كما يحلو للبعض أن يسميها. فإذا كانت الاتجاهات التقليدية في فقه القانون الدولي الخاص، تذهب إلى وجوب حل التنازع عن طريق قاعدة الإسناد، فإن الإتجاهات الحديثة في هذا الفقه، ترى إمكان حسم المنازعات الخاصة الدولية، من خلال عدة طرق، إحداها القواعد الموضوعية أو المادية، بما يفيد أن قاعدة الإسناد، لم تعد هي الوسيلة الفنية الوحيدة، لتنظيم الحياة الخاصة الدولية، وما تفيض به من علاقات.وقد استهل الباحث دراسته، مبينا أهمية موضوعها- وفقا لتقديره- والدوافع التي دفعته لدراسته، حيث وضع القارئ الكريم داخل المشكلة التي يعالجها البحث وفقاً لتصوراته، من السطور الأولى لدراسته. أو بعبارة أخرى تقع مشكلة تنازع القوانين وتعدد أساليب أو مناهج فض المنازعات الخاصة ذات الطابع الدولي في الوقت الحاضر في قلب مشاكل القانون الدولي الخاص، الذي مازال إلى الآن يعاني الكثير، بسبب غموض بعض أحكامه وعدم ضبط الكثير من قواعده حتى قيل أنه قد آثار في داخله، بسبب ما به من غموض وتعقيد- أكثر من تنازع. فقد أثار في افقه الكثير من الغيوم التي أثارتها المناقشات الفقهية المجردة والنظريات المتضاربة في تعريفه وموضوعاته ومصادره وطبيعته.ويطرح الباحث منذ البداية ثمة تساؤلات تحاول دراسته- قدر الإمكان- الإجابة عليها من خلال مباحثها المختلفة هي: ماهية منهجية "القواعد الموضوعية" في حل المنازعات الخاصة الدولية؟، هل لهذه المنهجية دور متكامل في حسم المنازعات المعنية؟ ما هو مقدار الحاجة لهذه المنهجية نظراً لوجود منهجيات أخرى، وما مدى استقلالها عن هذه الأخيرة وما مدى تأثرها بها؟ وما مستقبل العلاقة بين هذه المناهج: تعايش، تناسق، أم تنافر؟، ما هي الخلفية التاريخية لهذه القواعد وما هي الأسباب التي دعت إلى ظهورها، وما هي الأسباب التي أدت إلى اختفائها، ثم ظهورها من جديد في الآونة الحديثة؟، ما هي الروافد التي تصب في هذه المنهجية.