الشرط السالب للإختصاص القضائي الدولي للمحاكم الوطنية "دراسة مقارنة"

كانت مهمة المحاكم العليا الأساسية هي العمل على توحيد المبادئ القانونية التي تطبقها المحاكم الأخرى، وكانت المبادئ التي تطبقها أو تضعها المحكمة العليا لها قوة الإلزام الأدبي أو القانوني، فإن هذه المبادئ تكون دائماً موضع الدراسة في المؤلفات الفقهية، وموضع التعليق عليها في المجالات القانونية. ويؤكد جانب من الفقه المعنى المتقدم ويزيده إيضاحاً، حينما يقرر أن تعليق الأساتذة على أحكام محكمة النقض هو، في نهاية الأمر، لقاء القمة بين النظر والعمل، لقاء نفرض أهميته وقدسيته على الأستاذ أن يتروى قبل التسرع في الإقدام عليه، ففي رحاب هذا اللقاء ظهر الكثير من الأفكار الجديدة التي كانت سبباً في إعادة النظر في العديد من النظريات التقليدية بما يتفق وحاجات المجتمع المتطورة، وقد سبق لدول العالم المتقدم، أن أدركت هذه الحقيقة، مما دفع علمائها إلى الإهتمام بالتعليقات على الأحكام...، ورغم أهمية التعليق أحكام محاكم الموضوع على هذا النحو، فسوف يظل للتعليق على أحكام محكمة النقض أهميته الكبرى، لما تتمتع به هذه الأحكام من مكانة أدبية رفيعة تكاد أن تضعها في مصاف التشريع، بل ولعلنا لا نغالي في القول إذا قررنا أنه حتى في بلاد القانون المكتوب مثل فرنسا ومصر، فإن القضاء لا يفقد مع ذلك، قدرته الخالقة للقاعدة القانونية، على الأقل من الناحية الواقعية، وبهذه المثابة فإذا استقرت محكمة النقض في قضائها على حل معين لا يستند إلى نص صريح، بل ولعله يخالف أحياناً نصوص القانون الصريحة، فإن المحاكم الدنيا تلتزم بهذا القضاء من الناحية الواقعية، وفي ضوء هذا الواقع الملموس، كادت أحكام محكمة النقض أن تفلت من قاعدة نسبية أثر الأحكام التي استقر عليها قانون المرافعات منذ أمد بعيد، حتى اقتربت احكامها على هذا النحو من نصوص التشريع، وفي ضوء ما تقدم: فإننا نتصدى الآن لدراسة وتقييم الحكم الصادر من محكمة تمييز دبي سالف البيان، لما لهذا الحكم من أهمية كبيرة في الحياة العملية، نظراً لتأثيره البالغ على حركة المعاملات الدولية في ومع القطر الشقيق (دولة الإمارات العربية المتحدة).