"ألم يقل لي أحدٌ حين ولدت إن حياتي سنكون أقسى من حياة أبي وولدي، لم يقل لي أحدٌ حين كنت طفلاً إن الحياة مليئة بالآبار والأنفاق والدهاليز اللانهائية، لم يقل لي أحدٌ حين كنت فتىً، إن بلدي ليس بلداً، وصديقي مع عدوي عليَّ، وحبيبي يتلون كالحرباء، لم يقل لي أحدٌ حين كنت شاباً إن المنافي أحذيةٌ، سوى بريشت، والأحزاب ديانة سوى دساتر، وال...
قراءة الكل
"ألم يقل لي أحدٌ حين ولدت إن حياتي سنكون أقسى من حياة أبي وولدي، لم يقل لي أحدٌ حين كنت طفلاً إن الحياة مليئة بالآبار والأنفاق والدهاليز اللانهائية، لم يقل لي أحدٌ حين كنت فتىً، إن بلدي ليس بلداً، وصديقي مع عدوي عليَّ، وحبيبي يتلون كالحرباء، لم يقل لي أحدٌ حين كنت شاباً إن المنافي أحذيةٌ، سوى بريشت، والأحزاب ديانة سوى دساتر، والبشر لعنة، وحين صرت كهلاً لم أقل لنفسي: انتبهى من يوم غد".من أين يأتي الشاعر هاشم شفيق بالكلمات في لعبة الشعر؟ لا ريب أن اللغة هي المعين الأول والأخير، فاللغة هي موطن الشاعر ومسكن الكون والكينونة، ومعقد البيان والتبيين والدلالة والإزاحة والدهشة... والشاعر لا يتميز إلا باللغة، لغته، التي يغيّر العالم بها في لعبته التشكيلية. لكن اللغة بمنطوق الاختلاف، ليست واحدة وكلنها متعددة في ذات اللغة، وذوات الأشياء والموضوعات في أبعادها التفاضلية المتكوثرة. ويتميز شاعرنا في لعبته الشعرية الخاصة، لعبة الإبانة والدلالة والمعنى، بهوية يتعالى فيها المرئي باللامرئي والمعنى بالقيمة والشعر بالفكر...