منذ طفولتي الباكرة وأنا أستشعر بين جوانحي حبا عظيما وتقديسا وتمجيدا لكل ما هو عربي إسلامي. ربما كان ذلك بوحي وتأثير من البيئة المنزلية الخاصة، التي كانت كذلك، وربما كان بتأثير البيئة المجتمعية العامة لطفولتي، التي كانت كذلك، وربما كان بتأثير البيئة المجتمعية العامة لطفولتي، التي صادفت فترة الكفاح والنضال من أجل حرية المغرب واستق...
قراءة الكل
منذ طفولتي الباكرة وأنا أستشعر بين جوانحي حبا عظيما وتقديسا وتمجيدا لكل ما هو عربي إسلامي. ربما كان ذلك بوحي وتأثير من البيئة المنزلية الخاصة، التي كانت كذلك، وربما كان بتأثير البيئة المجتمعية العامة لطفولتي، التي كانت كذلك، وربما كان بتأثير البيئة المجتمعية العامة لطفولتي، التي صادفت فترة الكفاح والنضال من أجل حرية المغرب واستقلاله، في إطار الدعوة السلفية، القائمة على أساس الرجوع إلى أحضان الكتاب والسنة والاعتصام بالعروبة والإسلام والانطلاق من مقوماتها وتراثهما في جميع ميادين الحياة، وما عاصر ذلك في الشرق العربي، من الدعوة للقومية العربية والسعي نحو الوحدة العملية بين بعض البلدان العربية، كخطوة أولى نحو الوحدة العامة، بدافع الحنين للخلافة الإسلامية.ومنذ مطلع دراستي الابتدائية، وأنا شغوفة بقراءة الكتب على اختلاف مستوياتها، بدون استثناء ولا اختيار، إذ كنت أقرأ كل ما تصل إليه يدي بنهم عظيم. ومن ثم اضطلعت، في تلك السن المبكرة، على آراء كثيرة حول التراث العربي القديم عموما، والشعر الجاهلي خصوصا، سواء منها آراء الباحثين العرب أو الغربيين من المستشرقين وغيرهم...فكنت أستشعر المرارة، كلما قرأت رأيا يحط من قيمة هذا التراث القيم لأجدادنا، كما كانت تستولي علي الحيرة، كلما مررت بموضوع من المواضيع التي تضع الشعر الجاهلي برمته موضع التشكيك والنكران والاختلاق أو ما يسمى في العرف الأدبي بالنحل والانتحال. ناهيك بكتاب الدكتور طه حسين «في الشعر الجاهلي».وبنموي الفكري ونضجي العقلاني، اتسع مجال اضطلاعي واختمرت معلوماتي، شأن كل الطلاب، فبدأت أشعر بواجبي نحو تراثنا الشعري، وأنه آن الأوان، وقد أخذت منه الكثير والكثير، أن أعطيه وأعطيه بسخاء. وذلك بأن أجرد قلمي لخدمته وحمايته والدفاع عنه ضد أولئك المغرضين، «الذين في قلوبهم مرض»، من المستشرقين وأذنابهم، الذين يتطاولون عليه مفترين ويبثون السم في الدسم، وعلى رأسهم المستشرق الدكتور ماركوريت...