لم تحدثنا كتب التاريخ التي تناولت تطور المجتمعات الثقافية في وادي الرافدين عن هذه الشخصية النسائية الغامضة "سـُجَـاح التَّمِـيمِـيَّة"، فقط، كتب التفسير والمؤرخون المسلمون هم الذين جاؤا على ذكر هذه المرأة ووصفوها بالتميمية، عندما تكلموا عن سيرة محمد رسول الله صلاة الله وسلامه عليه، وضده الذي خرج في اليمامة، مسيلمة الكذاب بن حبيب...
قراءة الكل
لم تحدثنا كتب التاريخ التي تناولت تطور المجتمعات الثقافية في وادي الرافدين عن هذه الشخصية النسائية الغامضة "سـُجَـاح التَّمِـيمِـيَّة"، فقط، كتب التفسير والمؤرخون المسلمون هم الذين جاؤا على ذكر هذه المرأة ووصفوها بالتميمية، عندما تكلموا عن سيرة محمد رسول الله صلاة الله وسلامه عليه، وضده الذي خرج في اليمامة، مسيلمة الكذاب بن حبيب. قد يكون ذكر مسيلمة الكذاب هو الذي فرض على كتّاب السيرة النبوية الإشارة إلى "سجاح" من جهة الرؤية التأريخية الدينية، ولعل سبب عدم وجود ما يكفي للتعرف إليها يعود إلى أنها خرجت في زمان أبي بكر الصديق خليفة رسول الله صلاة وسلام عليه، وقادت حروب الردّة. صحيح أن مسيلمة كان قد حمل أتباعه على الردة في البحرين واليمامة وهجر، غير أن الجيوش التي قاتلت المؤمنين من جيوش أبي بكر كانت من منطقة الجزيرة الفراتية، وهي منطقة تجمع إلى جنب أصحابها العرب، أكراداً، وسريانيين – آراميين، وأثوريين، وزط (جت) أي نوَر؛ وإغريق، ولاتينيين، وفرثيين، وحثيين، وغيرهم. وهذا يعني أن (سُجاح) لم تكن تميمية، باعتبار أن منطقة الجزيرة التي زودتها بالمقاتلين، كانت تحت نفوذ بني تغلب النصارى من المذهب اليعقوبي/الكاثوليكي كما ستبين الدراسة. وهذا البحث يعطي تلك الشخصيات النسائية حقها في رصد تلك الفترة التاريخية الهامة، وتحاول تغطيتها في حدود المصادر المتاحة.