إن تدريس علوم القرآن وتفسيره وعلوم الحديث ومتونه يشكو إلى الله الغربة في بلاد الإسلام وقد أعرض عنه الخاص والعام من المحترفين بالدين فضلا عن غيرهم. أما في المدارس فإن القرآن والحديث مجفوان كل الجفاء ومجهولان كل الجهل ومنبوذان وراء الظهور وإن كان اسم تدريسهما في المناهج مسطورا فإنما هو إسم مجرد عن المعنى. وقد رأينا في الكليات من ي...
قراءة الكل
إن تدريس علوم القرآن وتفسيره وعلوم الحديث ومتونه يشكو إلى الله الغربة في بلاد الإسلام وقد أعرض عنه الخاص والعام من المحترفين بالدين فضلا عن غيرهم. أما في المدارس فإن القرآن والحديث مجفوان كل الجفاء ومجهولان كل الجهل ومنبوذان وراء الظهور وإن كان اسم تدريسهما في المناهج مسطورا فإنما هو إسم مجرد عن المعنى. وقد رأينا في الكليات من يدرس القرآن والحديث وعلومهما ولم يحضر فيهما درسا واحدا في حياته وإذا جلس للتدريس يقضي الوقت في اتخاد القرآن هزوا ولعبا والطعن في الاسلام بما تقر به أعين المستعمرين وأعداء العرب والمسلمين ولما عينت مدرسا في كلية التحرير سنة ١٩٤٨ وجدت هناك استاذا من أهل الغيرة على الدين وهو الأستاذ حسن محسن العاملي وأخبرني أنه أشار على العميدة في السنة التي قبلها بعدم تدريس القرآن والحديث أصلا قال لأن الذي تولى تدريسهما قبل ذلك كان من الذين يجهلون القرآن والحديث ويجهلون عليهما وذلك زيادة على ما فيه من جريمة اتخاد كتاب الله هزوا ولعبا واضلال الطالبات مضيعة للوقت المال. قال لي ولما رأيتك قد عينت في هذه الكلية فرحت بتعينك وسأشير على العميد في هذه السنة وكذلك على مجلس الأساتذة بتقرير تدريسهما في هذه السنة واقترح أن تكون انت المدرس لهما وكذلك وقع. ومنذ ذلك الحين أخذت ادرس هذين العلمين اللذين بهما فخر العرب والمسلمين وقد درستهما أيضا في كلية الأدب بدعوة من عميدها مدة من الزمن. ثم رأى رئيس القسم أن يدعو إلى تدريسهما من لايحسنهما ولا يعرفهما أصلا ليجر له مغنما على سبيل المحاباة.وأمثال هذه التصرفات في العهد البائد حدث عنها ولاحرج ونرجو أن يوفق الله ولاة الأمور في هذا العهد الجديد عهد الثورة على الفساد والإجرام والتلاعب بالحقوق والواجبات إلى أن يعطوا كل ذي حق حقه ويصلحوا ما زفسده المفسدون.ولما نقلت إلى كلية التربية - دار المعلمين العليا - قال لي عميدها إذ ذاك الدكتور خالد الهاشمي إنني مسرور جدا بنقلك إلى كليتنا لأننا في حاجة إلى استاذ يدرس القرآن والحديث بجدارة وتحقيق فأرجو أن تتولى تدريسهما فاستمررت في تدريسهما ودرستهما أيضا في كلية الشريعة سنة ١٩٥٢ وفي هذه السنة أعني سنة ١٩٥٨ وقد ألفت دروسا مناسبة لطلبة الجامعة وغيرهم من المبتدئين أرجو أن ينفع الله بها من شاء من عباده وسميتها قبسة من أنوار الوحي وجعلتها أربعة أقسام القسم الأول نبذة من علوم القرآن والثاني تفسير سورة الفتح والثالث نبدة من علوم الحديث والرابع نبذة من الأحاديث مع شرحها يعالج مشكلات العصر الحديث وأمراض أهله. وقد اخترت سورة الفتح لتضمنها جهاد أعداء الحق من المشركين واليهود والمنافقين تذكرة لشبان هذا العصر بما بناه أسلافهم من مجد وما خلدوه من ذكرى في ميادين العزة والعدالة والأخلاق وأسأل الله أن يجعل هذا الكتاب من الأعمال النافعة في الحياة وبعد الممات.