تنطوي هذه الدراسة على محاولة لاستقصاء حياة أحمد فارس الشدياق وآثاره، والبحث عن الدور الذي قام به في نطاق النهضة العربية الحديثة، واستكناه الأبعاد الفكرية التي تصورها لها في مختلف آثاره عبر حياته الطويلة، وتقلباته المختلفة شرقاً وغرباً، وباختصار اكتشاف الظاهرة الشدياقية في معركة النهضة العربية الحديثة.في التمهيد تم تناول مظاهر ال...
قراءة الكل
تنطوي هذه الدراسة على محاولة لاستقصاء حياة أحمد فارس الشدياق وآثاره، والبحث عن الدور الذي قام به في نطاق النهضة العربية الحديثة، واستكناه الأبعاد الفكرية التي تصورها لها في مختلف آثاره عبر حياته الطويلة، وتقلباته المختلفة شرقاً وغرباً، وباختصار اكتشاف الظاهرة الشدياقية في معركة النهضة العربية الحديثة.في التمهيد تم تناول مظاهر الحياة التي كان عليها العرب والمسلمون قبل عصر الإحياء والنهضة في القرن التاسع عشر، والعوامل المؤدية إليهما، وذلك ليلمس القارئ عن كثب عوامل التحولات إلى النهضة التي ستحدث بعد ذلك، ويدرك الفرق بين الماضي والحاضر، والتخلف والتقدم، والانحطاط والنهضة.وفي الكتاب الأول تم التعريف بالشدياق وتتبع حياته من لبنان إلى الآستانة عبر مصر ومالطة وإنكلترا وفرنسا وتونس. وفي الكتاب الثاني تم التحدث عن آثار الشدياق، وللإيضاح تم توزيع موضوعاتها في فصول خاصة بكل موضوع منها: فجاءت على هذا النحو: الشدياق المؤلف المدرسي، والمترجم والشاعر، والرحالة، والقصصي، والمقالي، واللغوي.وأما الكتاب الثالث من هذه الدراسة فبحث في إشكالية النهضة العربية الحديثة في آثار الشدياق من خلال مظاهرها المعرفية المختلفة. وتم التحدث عن إشكاليات النهضة بين المصطلح والمفهوم والمظاهر السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية والعلمية والثقافية. وكان المنهج المعتمد فيها فضلاً عن التوزيع السابق هو الدراسة الزمانية لأفكار الشدياق في النهضة. هذه الدراسة التي مكنت مؤلف هذا الكتاب في الأغلب من اكتشاف سيرورة تلك الأفكار نشأة ونموا، ومن معاينة تطور عناصرها الأساسية وتبين تصوراتها في الدلالة على النهضة.وسيرى القارئ كذلك في فصول هذا الكتاب مدى إسهام الشدياق في التحولات الحضارية للعرب والمسلمين بما دعا إليه من أفكار نهضية وإصلاحات جذرية في السياسة والاجتماع والاقتصاد والفنون وغير ذلك, وقد خاض الشدياق كل ذلك بروح تجديدية عقلانية تجعله في بعض نواحيها يتقدم على معاصريه ممن تغرقهم الأقلام اليوم بسيول من البحوث والدراسات، بل ربما كان بما يذيعه أسبوعياً للناس في جريدته الجوائب من المؤثرين فيهم والملهمين لهم، وبهذا سيكتشف القارئ أن الشدياق لم يقل عن غيره بحثاً في كل مظاهر النهضة خاصة المظاهر السياسية التي جعلت الباحثين يتجاوزونه فيها، فلا يستشهدون له بقول، ولا يذكرون له اسماً في هذا المجال.