ساعدت الأوضاع الاجتماعيّة والسياسيّة المتردّية بالبلاد العربيّة و الإسلاميّة، وازدياد الهيمنة الأجنبيّة على هذا المجال منذ أواسط القرن التاسع هـ/xvم على استشراء الأزمة التي اجتاحت الغرب الإسلامي عموماً والأندلس خصوصاً. فقد أضحت المجاعات والأوبئة تعصف بالأخضر واليابس، بوتيرة لا تكاد تنقطع، وظلّت البلاد عُرضة لغزاة البرّ والبحر، ا...
قراءة الكل
ساعدت الأوضاع الاجتماعيّة والسياسيّة المتردّية بالبلاد العربيّة و الإسلاميّة، وازدياد الهيمنة الأجنبيّة على هذا المجال منذ أواسط القرن التاسع هـ/xvم على استشراء الأزمة التي اجتاحت الغرب الإسلامي عموماً والأندلس خصوصاً. فقد أضحت المجاعات والأوبئة تعصف بالأخضر واليابس، بوتيرة لا تكاد تنقطع، وظلّت البلاد عُرضة لغزاة البرّ والبحر، الذين أحاطوا بها إحاطة السّوار بالمعصم. وقد حوصرت أرض أندلس من جهتين: الطّاعون الوافد من البحر والغازي الواقف عند طلائع الشّمال والغرب وحصونها. إنّ الرّسالة التي كتبها محمد الموّاق من غرناطة إلى صاحبه محمد الرّصّاع بتونس، على صغر حجمها، تعدّ من المصادر الدّفينة التي تثير هذه القضايا بطريقة غير مباشرة. فهي أسئلة فقهيّة عن الوباء والحبس والصّدقة والمرأة، لكنّها ذات مضمون هامّ في التّاريخ الاجتماعي. فقد أرّخت للأزمة الأندلسيّة في فصلها الأخير، عشيّة سقوط غرناطة، فضلاً عن كونها المراسلة الأخيرة بين عالمين من إفريقيّة والأندلس. ولم تغفل الحفر في مظانّ الفكر العربي ? الإسلامي، والمستجدّات الحضاريّة الطارئة في ذلك العصر. على ضوء ما تقدم تتشرف دار المدار الإسلامي أن تقدم هذا الكتاب في حلته الأخيرة والمحققة تحقيقاً علمياً، والذي أخذ من الأستاذ محمد حسن الوقت والجهد الكثير، وهو أحد المتخصصين القلائل في التاريخ الإسلامي للمغرب العربي في العصر الوسيط.