هذا البحث يهتم بالجانب العملي على مستوى كل الأرض وهو التمكين في الأرض والذي لن يتم إلا بأفراد مؤهلين لقيادة التمكين وعليه نكون قد رجعنا مرة أخرى للفرد فبدون الفرد الممكن داخليًا لن تمكن الأمة على المستوى الجماعي وعليه فإن أي عمل متقدُم في الفرد وتحركه في الأرض يلزمه تطور ذاتي داخلي أولاً ولكي يتم ذلك لابد من العلم قبل العمل وأول...
قراءة الكل
هذا البحث يهتم بالجانب العملي على مستوى كل الأرض وهو التمكين في الأرض والذي لن يتم إلا بأفراد مؤهلين لقيادة التمكين وعليه نكون قد رجعنا مرة أخرى للفرد فبدون الفرد الممكن داخليًا لن تمكن الأمة على المستوى الجماعي وعليه فإن أي عمل متقدُم في الفرد وتحركه في الأرض يلزمه تطور ذاتي داخلي أولاً ولكي يتم ذلك لابد من العلم قبل العمل وأول العلم هو العلم بتكوين الفرد أي مما خلق ولماذا خلق؟ ثم إن الشرائع نفسها حينما كان تنزل على الأنبياء منذ آدم عليه السلام وإلى خاتم الأنبياء سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم نزلت بتوافق تام مع تكوين العبد وأهمها القلب لذا كان لابد من دراسة هذا القلب وكيفية عمله مع الأجهزة الأخرى الظاهرة والباطنة كتمهيد لانطلاق الجوارح نحو العمل على كل الأرض أو التمكين في آخر الزمان. ولكن الفرد بمكوناته التي خلقه الله بها يتحرك على مستويين ولكلٍ فقهه الخاص به المستوى الأول هو تحرك الفرد في محيط ضيق وهم العامة والثاني تحرك الفرد على مستوى الدولة نحو كل الأرض وهو التمكين الذي فسره الكاتب في دراسته. والتمكين بهذا المعنى أصبح من الأهمية لتحقيق هذا الدين على مستوى كل الأرض وليس بلد معين وبنفس مستوى هذا الحجم كان لابد من وجود فقه خاص وضخم يهتم بهذا الشأن قال تعالى: ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾} [النور: 55]. وإذا لاحظنا الأساس الذي قام عليه الدين وهو ربط الخلق بالخالق والعبد بالمعبود ثم وضع الشرع لتحقيق ذلك وجعل على رأس الشرع الصلاة كصلة ووسيلة لهذا الربط بين المخلوق والخالق والأرض التي سيعيش فيها والكون من حوله من مخلوقات الله لذا سميت صلاة ولذلك فإن الصلاة هي العبادة التي لا تتوقف حتى في المرض ولو تم أداءها بالأصبع فقط كما جاء في فقه الصلاة ولكن ما علاقة الصلاة بالتمكين تحديداً؟ أولاً يؤدي العبد الصلاة فيرتقي بها في درجات الإيمان والإسلام والإحسان مما يؤهله ذلك لقيادة التمكين في الأرض فيؤدي ذلك لقيام الصلاة على مستوى الدولة فالأمة فكل الأرض بتعمير المساجد في كل الأرض وإعلاء راية لا إله إلا الله وهذا ما أشارت إليه آية التمكين أعلاه فقد ذكرت الصلاة بعد التمكين مباشرة وقصد بها الصلاة على مستوى الدولة وليس الفرد وهذا هو مفترق الطرق الذي أدى لتكوين هذا البحث وهو الفرق بين فقه الفرد وفقه الدولة. إذن الصلاة تبدأ من الفرد إلى كل الأرض ذكراً وتمكيناً كذلك إيتاء الزكاة الوارد في الآية أعلاه هو الزكاة على مستوى الدولة أي الجانب الاقتصادي وليس على مستوى الفرد فقط وسيظهر تفصيل وتفسير كل ذلك من خلال البحث.