عاشت مصر طوال عمرها في ظل تعددية دينية وعرقية وفكرية مشهودة، بحسبانها مصدر إثراء وتنوع تتكامل عناصره وتمتزج مقوماته في بوتقة هذا الوطن لتقدم نموذجًا حضاريًا انتصر على الغزاة، وصبغهم بروحه وضميره فصاروا مصريين روحًا ودمًا. لكن العقود الأخيرة- لأسباب كثيرة- شهدت عمليات مستمرة ومقصودة للفرز الطائفي، تصنف أبناء الوطن الواحد على أساس...
قراءة الكل
عاشت مصر طوال عمرها في ظل تعددية دينية وعرقية وفكرية مشهودة، بحسبانها مصدر إثراء وتنوع تتكامل عناصره وتمتزج مقوماته في بوتقة هذا الوطن لتقدم نموذجًا حضاريًا انتصر على الغزاة، وصبغهم بروحه وضميره فصاروا مصريين روحًا ودمًا. لكن العقود الأخيرة- لأسباب كثيرة- شهدت عمليات مستمرة ومقصودة للفرز الطائفي، تصنف أبناء الوطن الواحد على أساس ديني وعرقي وأحيانًا قبلي. ولأن مصر هي دائمًا النموذج الملهم لأمتها في التعايش والتسامح فلا بد أن تضطلع بدورها في مقاومة هذا المرض الخبيث، ومحاربة الطائفية بكل صورها وألوانها، لإعادة إنتاج مجتمع متماسك دون تمييز، يختلط أبناؤه، كما كانوا دائمًا، في العمل والسكن والأماكن العامة بروح المواطنة. ولن يتحقق ذلك إلا بتأسيس استراتيجية وطنية متكاملة على المستوى الفكري والعملي لتعظيم المشترك الوطني، ونبذ الفرقة واللعب على وتر الدين والطائفية.. وهو ما يحاول هذا الكتاب الاقتراب منه، وتسليط الأضواء عليه.