نبذة النيل والفرات:قام الكثير من الباحثين والمختصين الأوروبيين برحلات عديدة إلى مناطق الشرق العربي، باعتبارها مفاتيح كنوز كبيرة معدنية وغذائية وبشرية واقتصادية وأسواق رائجة لبضائعهم، ومن أقدم تلك الرحلات العلمية الأوروبية بل وأهمها رحلة العالم والطبيب الهولندي ليونهارت راوولف إلى الشرق التي تمت في النصف الثاني من القرن السادس عش...
قراءة الكل
نبذة النيل والفرات:قام الكثير من الباحثين والمختصين الأوروبيين برحلات عديدة إلى مناطق الشرق العربي، باعتبارها مفاتيح كنوز كبيرة معدنية وغذائية وبشرية واقتصادية وأسواق رائجة لبضائعهم، ومن أقدم تلك الرحلات العلمية الأوروبية بل وأهمها رحلة العالم والطبيب الهولندي ليونهارت راوولف إلى الشرق التي تمت في النصف الثاني من القرن السادس عشر الميلادي، وبالرغم أن الأسباب المعلنة لهذه الرحلة كانت التعرف والبحث عن النباتات الطبية المتواجدة في طبيعة الشرق والتحقق من فوائدها، إلا أنها في جوهرها كانت تهدف إلى حثّ أوروبا على استعمار هذه البقاع وامتصاص خيراتها.لقد استطاع راوولف خلال رحلته أن يجمع عدداً من النباتات وأن يحفظها فيما بعد في أربعة مجلدات ضخمة حيث اعتبرت من أعظم الأشياء النادرة الغالية. وأصبحت ملك جامعة ليدن الهولندية. كانت بداية رحلته إلى مدينة طرابلس في لبنان فوصف ضواحيها الخصبة، وعظم التجارة فيها، وفخامة حمّاماتها وأبنيتها، وطبيعة حياة أهلها، وذلك إضافة إلى اهتمامه بموضوعه الأساسي المتعلق بالتعرف على نباتاتها.انتقل بعدها إلى مدينة دمشق حيث لفتت انتباهه صناعة الحرير التي تقوم على وفرة أشجار التوت فيها، وإلى منطقة حلب التي وصف بدقة أنواع نباتتها وفاكهتها "الفاخرة، وتطرق حتى إلى أنواع النبات المستورد إليها، وفوائده وأهميته، ولم ينس الحديث عن حياة الباشوات فيها، وعن "المناصب الرفيعة والسلطات الواسعة" التي يتمتعون بها.يجد القارئ أيضاً وصفاً لمدينة الرقة التي تقع في الصحراء العربية على نهر الفرات، ومدينة دير الزور ومدينة "عنّة، والفلوجة أو بابل القديمة، ومن ثم قدم وصفاً مسهباً لمدينة بغداد ومواصلاتها وأبنيتها ونباتاتها القديمة، كما لم ينس تدوين كل ما شهدت عيناه على الطرقات التي سلكها. نجد في نهاية الكتاب "ملحق بأسماء النباتات التي صادفها الدكتور راوولف في رحلته إلى الشرق" باللغة العربية ويقابلها تسميتها باللغة الانكليزية.مخطوطة قيمة في هذا الكتاب الذي يعّرفنا على منهجية تفكير وطريقة تعاطي الباحثين الأوروبيين الأوائل، مع نوعية الحياة الطبيعية والبشرية والاجتماعية في الشرق، وعلى اكتشافهم لمدى إختلافها عن حياة الغرب واختلاف أهميتها.