إن التنوع الديني في المجتمع اللبناني، يشغل مصدراً للتمايز والخصوصيات، فهل يمكن اعبار التعدد الديني في المجتمع اللبناني، والخصوصيات المرتبطة به، أساساً لتشكل أثني؟ هل تتوفر للطوائف الدينية اللبنانية، المعايير الموضوعية والذاتية الكافية، التي تسمح بتصنيفها، ثنيات في المعنى الدقيق للكلمة؟ وفي هذه الحالة، كيف يمكن تقييم الأسس الاقتص...
قراءة الكل
إن التنوع الديني في المجتمع اللبناني، يشغل مصدراً للتمايز والخصوصيات، فهل يمكن اعبار التعدد الديني في المجتمع اللبناني، والخصوصيات المرتبطة به، أساساً لتشكل أثني؟ هل تتوفر للطوائف الدينية اللبنانية، المعايير الموضوعية والذاتية الكافية، التي تسمح بتصنيفها، ثنيات في المعنى الدقيق للكلمة؟ وفي هذه الحالة، كيف يمكن تقييم الأسس الاقتصادية الاجتماعية التي يتشارك بها اللبنانيون كلهم (اللغة، العادات، نظام القرابة، نمط السكن، الزي، المطبخ الأحياء السكنية، الوسط الجغرافي، إلخ...؟) وماذا يمكن القول بشأن ازدواجية اللبنانيون حيال قيمهم وطريقة تفكيرهم، وبصورة أخص حيال هويتهم؟ وأكثر من ذلك، هل ستبقى مسألة الهوية محكومة بهذا التناقض، الحقيقي بالنسبة للبعض والواهي بالنسبة للبعض الآخر، بين "اللبنانية" والعروبة، أو هل يمكن إيجاد مفهوم "اللبنانية" يستطيع استبطان معنى "العروبة" أكثر عقلانية وبرودة وأقل تقديساً؟هل يمكن الحديث عن نمط اثني لبناني خاص، أو بالأحرى هل هناك بالضرورة، أكثر من نموذج لمفهوم الإثنية، وبالتالي هل هناك العديد من الشخصيات الأساسية، كما يؤكد دوفرين؟ كيف كانت، وعلى مختلف هذه المستويات، نتائج الحداثة، والأشغال الخاصة للنمو الاقتصادي والتمول الرأسمالي، التي عرفها لبنان خلال تاريخه الحديث؟. كيف يمكن ضمن هذه الشروط، فهم الحرب اللبنانية: أمن خلال مفاهيم حرب الأديان، أو مفاهيم حرب الطوائف (بالمعنى الخاص برودنس)؟ كيف يمكن تعيين وموضعة أطرافها (الداخليين والخارجيين) ومراحلها، وآلياتها، وخطاباتها، وأشكال العنف التي مورست خلالها؟ أما بشأن الحرب، فكيف جرت، وما هي الأشغال التي ارتدتها، ومسارات التكيف التي إنسالت عبرها، وسط الانهيارات المتمادية للظروف الاقتصادية والاجتماعية. لماذا فشلت كل المحاولات الحل التي سبقت اتفاقية الطائف عام (1989)؟ وإلى أية حدود سينجح هذا الاتفاق في وضع حد نهائي للحرب، وفي تشكيل بديل سلمي لها، فعال، حاسم وثابت؟ على محمل هذه الأسئلة، يحاول هذا الكتاب، تقديم بعض عناصر الإجابات.