منذ الغاء أتاتورك للسلطنة العثمانية (1923) والخلافة الإسلامية (1924 ) وإطلاقه لمشروع بناء الدولة الحديثة المؤسسة على القطيعة مع الموروث الامبراطوري العثماني ؛ سعت النخبة التركية الحاكمة بشكل محموم للاندراج في منظومة الغرب سياسيا وثقافيا بوصفه الحل الوحيد للإنفكاك عن التخلف الشرقي والدخول في عالم الحضار والتقدم .لكن تركيا المعاصر...
قراءة الكل
منذ الغاء أتاتورك للسلطنة العثمانية (1923) والخلافة الإسلامية (1924 ) وإطلاقه لمشروع بناء الدولة الحديثة المؤسسة على القطيعة مع الموروث الامبراطوري العثماني ؛ سعت النخبة التركية الحاكمة بشكل محموم للاندراج في منظومة الغرب سياسيا وثقافيا بوصفه الحل الوحيد للإنفكاك عن التخلف الشرقي والدخول في عالم الحضار والتقدم .لكن تركيا المعاصرة التي أسست على أيديولوجية الدولة – الأم ؛ أي النزعة القومية العلمانيبة ؛ والتطلع نحو غرب الصناعة والعلم والحداثة سرعان ما أجبرتها وقائع التاريخ الصلبة على اكتشاف أن حلم التماثل مع الغرب عسير المنال ؛ اذ لايكفي لتحقيقه التنكر لهوية الشعب الدينية والثقافية وفرض نظام قانوني غربي محل الشريعة الاسلامية وإلغاء التعليم الديني والأخذ بالموز المسيحية بدلا من الاسلامية وبالأبجدية اللاتيتنية عوضا عن العربية وإحلال الزي الأوروبي مقابل اللباس المحلي ... الخ من مظاهر خيل لنخبة أنها تختزل جوهر الغرب ولبه .وهكذا أخذت جملة المكبوتات الثقافية والدينية والعرقية في الانفجار داخل دولة الحداثة ؛ وما عودة الإسلام المدوية الى الشارع السياسي التركي وإنفجار المسألة الكردية وظهور تعبيرات سياسية لجماعات طائفي وغياب الاجماع الشعبي حول الثوابت الضرورية لأية أمة ؛ إلا تجليات أولية عما يمكن أن ينتهي اليه مصير الانقلاب الكمالي الذي مثل لعدة عقود نموذجا احتذاه – ولو بشكل غير شعوري – الضباط الأحرار وغير الأحرار من العرب وسواهمأخيرا اذا كان النقص في الدراسات العربية والمترجمة حول تركيا الحديثة والمعاصرة يعكس أحد جوانب القصور في الوعي السياسي العربي – رغم أن غالبية البلدان العربية ظلت منذ القرن السادس عشر وحتى نهاية الحرب العالمية الأولى داخل اطار الامبراطورية العثمانية ؛ وعلى الرغم من الترابط الوثيق بين تركيا والعالم العربي كما تبدى في السنوات الأخيرة بدءا من الحرب الايرانية – العراقية الى حرب الخليج مرورا بمشاكل المياه والإفتصاد وفلسطين والمسألة الكردية وتفجر المشاكل الحدودية – فإن هذه الدراسة تطمح لسد ثغرة في الأدبيات السياسية والى ايضاح التداخل العضوي بين تركيا والعالمين العربي والاسلامي وأهمية الدور التركي في السياسات الاقليمية الشرق أوسطية