كم كانت عميقة ومؤثرة كلمات عمي وأستاذي أبو مصطفى, وكيف كان لوقعها فى أذنبي, وعمقها فى قلبى أثر الجرح الغائر, رغم بعد الزمان والمكان: انتزع نفسك من المكان الذى أحببته وأحبك انتزاعا, وأنت فى قمة تألقك, وعندما يكون المكان الذى أنت فيه وأهله, فى أشد درجات الاحتفاء بك, وأمس الحاجة إليك عندها فقط عليك أن تختار ساعة الفراق. لا تنتظر حت...
قراءة الكل
كم كانت عميقة ومؤثرة كلمات عمي وأستاذي أبو مصطفى, وكيف كان لوقعها فى أذنبي, وعمقها فى قلبى أثر الجرح الغائر, رغم بعد الزمان والمكان: انتزع نفسك من المكان الذى أحببته وأحبك انتزاعا, وأنت فى قمة تألقك, وعندما يكون المكان الذى أنت فيه وأهله, فى أشد درجات الاحتفاء بك, وأمس الحاجة إليك عندها فقط عليك أن تختار ساعة الفراق. لا تنتظر حتى يملك المكان, ويستغنى عنك أهله فتبادر إلى هجره, فبئست المغادرة تلك, أما رأيت من يتخطفه الموت فجأة, ليس وليدا صغيرا, ولا شيخا فانيا, بل شابا فى عز شبابه, وفى أمس حاجة أهله والناس إليه, كيف يكون الفاجع البين الفقد؟أين ذلك ممن يعمر فى المكان حتى يشيخ ويهرم, فيمله ذووه, ويعدوه من سقط المتاع فيموت ميتة إثر ميتة؟ وأين نفس تموت جميعا من نفس تساقط أنفسا؟