نبذة النيل والفرات:الإشراق في المفهوم الإصطلاحي هو إشراق الأنوار ولمعانها وفيضانها على الأنفس الكاملة عند التجرد عن المواد الجسمية، أو هي تلقي العلم الفيبي أو الإلهي عن الملأ الأعلى عن طريق الرياضة والمجاهدة وتصفية النفس من الكدورات البشرية بحيث تصبح كالمرأة الصقيلة فتنعكس عليها الصور والعلوم الإلهية.ويكون ذلك، كما يقولون، على ه...
قراءة الكل
نبذة النيل والفرات:الإشراق في المفهوم الإصطلاحي هو إشراق الأنوار ولمعانها وفيضانها على الأنفس الكاملة عند التجرد عن المواد الجسمية، أو هي تلقي العلم الفيبي أو الإلهي عن الملأ الأعلى عن طريق الرياضة والمجاهدة وتصفية النفس من الكدورات البشرية بحيث تصبح كالمرأة الصقيلة فتنعكس عليها الصور والعلوم الإلهية.ويكون ذلك، كما يقولون، على هنية إشراق في النفس وإحساس ذوقي دون أعمال العقل والفكر بطريقة عملية وإتباع أساليب البحث والنظر العمليين؛ وحكمة الإشراق هي الحكمة المبنية على الإشراق الذي هو الكشف في حكمة المشارقة، ولا فرق بين حكمة الإشراق والحكمة المشرقية التي تكلم عنها ابن سينا، لأن الشرق هو المنبع الرمزي لإشراق النور.وتختلف حكمة الإشراق عن المعرفة الفلسفية لأنها مبنية على الذوق والكشف والحدس، بينما الفلسفة العقلية مبنية على الإستدلال والعقل وإكتساب النفس للمعرفة في فلسفة ابن سينا لا يتم بالإحساس ولا وبالخيال ولا بالوهم؛ بل يتم بالعقل، وإن أعلى درجات الإشراق المعربي (العقل المستنفاد) الذي يتلقى الإشراق من العقل الفعّال حسب نظرية الصدور الفارابية والتي أخذ بها ابن سينا فيما بعد، فإن الأفكار والتأملات حركات معدّة للنفس نحو قبول الفيض، كما أن الحدود الوسطى وحدة تنمو أشد تأكيداً لقبول النتيجة، وإن كان الأول على سبيل والثاني على سبيل آخر، فتكون النفس الناطقة إذا وقعت لها نسبة إلى هذه الصور يتوسط إشراق العقل الفعال حدث فيها منه شيء من جنسها من وجه وليس من جنسها من وجه.وإلى هذا ومن خلال هذه المقدمة، يبدو أن الحديث عن الإشراق شيق وممتع والنقطة المهمة هي أن بعضهاً منهم اختلف حول الباحثون بأنه لا يملك إشراقاً خاصاً وأن الرحلة في مشوار الإشراق قد استغرقت مرحلة زمنية طويلة من المشرق إلى المغرب وضمت مفكرين وفلاسفة ومتصوفة بدأها الباحث في دراسته هذه من الفكر القديم في الحضارات القديمة في العراق وإيران ومصر والهند واليونان، وكان دور اليونان دور الوسيط الناقل والموصل من السابقين إلى اللاحقين من الفكر العربي الإسلامي ومصادره المصرفية الذاتية (الوحي) و(الحكمة) أي (النقل والعقل)، ولماذا الإشراق مهم وهو غاية وأمنية يريد الإنسان الحصول عليها والوصول لها.إنه سبيل السعادة للفيلسوف والعارف، وهو إتصال بالعقل الأول، ذلك لأنه إشراق النور الإلهي أو الفيض الرباني، إنه العروج والتسامي للحصول على المعرفة الإلهية، وهذا يحصل لنخبة من البشر، البعض يحصل عليها بالعقل، والبعض الآخر بالقلب والذوق والإلهام، كما وأن البحث في الإشراق يعني البحث في مشكلتي المعرفة والإلوهية.ويمكن القول بأن أهمية هذه الدراسة تتمثل في كونها تجمع بين وجهتي النظر الفلسفية والإسلامية وتمثل نقطة الإلتقاء والإفتراق بين البعدين الإسلامي واليوناني إبتداءاً بالكندي وصولاً إلى ابن سبعين من المغاربة مروراً بالفارابي وابن سينا والغزالي ثم إلى ابن مسرة وابن باجة وابن طفيل وابن رشد وابن عربي، مع توضيح لجوانب مختلفة من أفكارهم العقلية والروحية والخلقية والكشف عن شخصية كل فيلسوف مستقل عن الآخر على وفق ما تحمله تلك الشخصية من خصوصية في التفكير والأخذ من مناهل الحياة أو الإتجاه العرفاني الإيماني، مما ساعد في توضيح إيمانهم الشديد الذي تمتعوا به وصدق المبادئ الإيمانية لدى كل واحد منهم بحسب ما يتفق مع نظرته ومذهبه الفكري خاصته في المسائل المتعلقة بمشكلة الألوهية كالبعث والنبوة والعناية الإلهية.