"يوثق هذا الكتاب لمؤلفه اللبناني غسان عز الدين الذي يعد واحداً من الذين لعبوا دوراً بارزاً ومحورياً في نشاط الحزب السوري القومي الاجتماعي في لبنان لمرحلة هامة من مراحل العمل السري من خلال سرد المؤلف لذكرياته ودوره في هذه المرحلة حيث كان في صلب أحداثها نظراً إلى انتسابه مبكراً إلى الحوب وتفرغه سنوات عديدة تفرغاً كلياً للعمل الحزب...
قراءة الكل
"يوثق هذا الكتاب لمؤلفه اللبناني غسان عز الدين الذي يعد واحداً من الذين لعبوا دوراً بارزاً ومحورياً في نشاط الحزب السوري القومي الاجتماعي في لبنان لمرحلة هامة من مراحل العمل السري من خلال سرد المؤلف لذكرياته ودوره في هذه المرحلة حيث كان في صلب أحداثها نظراً إلى انتسابه مبكراً إلى الحوب وتفرغه سنوات عديدة تفرغاً كلياً للعمل الحزبي وكذلك تعرفه على الزعيم سعادة وهو في عمر الأشبال والتالي مرافقته للأحداث الحزبية الهامة في الداخل والخارج وتحمله مسؤوليات مركزية مع الرؤساء. ومن دبي حيث استقر به المقام بعد رحلة طويلة من النشاط السياسي الحزبي على المستوى الداخلي وتواصل معه في محطات خارجية يشير غسان عز الدين في مذكراته إلى أن الانخراط الكلي في العمل الحزبي واستمرار تفرغه التام له فضلاً عن تحمله مسؤوليات مركزية متنوعة بعد العفو ومنذ مايو 1969 ومشاركته في مواجهة حالات التمرد والعصيان على المؤسسات الحزبية الشرعية الدستورية التي أخذت كما يقول كل وقته وتفكيره وبعدها بدء الحوب على الساحة اللبنانية جعلت مجرد التفكير في كتابة المذكرات غير وارد".يشير المؤلف في البداية إلى أن نشأته العائلية منذ الطفولة ليست منفصلة إلى حد كبير عن نشأته الحزبية من حيث الإيمان بقيم الحق والبعد عن التعصب والطائفية والحوار الموضوعي واحترام الرأي الآخر وغير ذلك، فقد نشأ غسان عز الدين في عائلة من علماء الدين والمؤمنين بهذه القيم والداعين لها. وفي الثامنة من عمره بدأ يسمع كلمات مثل تحيا سوريا والفدائيين والزعيم، وفيما بين التاسعة والعاشرة بدأ يحضر مع مجموعة من زملاء المدرسة والأصدقاء تنظيم الأشبال لقاءات تشرح معاني تلك الكلمات بأسلوب ينسجم مع أعمارهم. غير أن اهتمامه بالقضايا العامة وصل إلى حد البدء في التدرب على السلاح وهو في سن الرابعة عشرة من عمره وهو الأمر الذي جاء رغبة في الانتقام لاستشهاد الزعيم سعادة. وبعد ذلك بدأ غسان يقوم بمهمات نقل الرسائل إلى مسؤولي بعض المناطق وذلك من خلال العمل الحزبي السري رغم صغر سنه كما كان يقوم بالاهتمام بزيارة وتأمين متطلبات رفاقه الأسرة الأسرى في السجون اللبنانية. وقد أدى انخراطه في العمل الوطني إلى تركه الدراسة باكراً وتفرغه كلياً إلى العمل الحزبي ولكنه تمكن من سرقة الوقت حيث حصل على شهادة دبلوم في التجارة والمحاسبة.يحكي المؤلف عن مشاهداته للزعيم ومنها تلك المرة الأولى في عام 1947 لدى عودة الزعيم إلى الوطن حيث تمكن من الوصول إليه والسلام عليه وفي مناسبات أخرى مختلفة منها تلك المرة التي كان يعتصم خلالها الزعيم في الجبل لمدة شهر إثر صدور مذكرة توقيف بحثه وهو ما بدأ أنه لقاء تضامني معه.ويحكي المؤلف قصة اعتقاله الأول فيشير إلى أنه جاء أثر احتفال حزبي أشرف على تنظيمه ولأن حالة الطوارئ كانت مفروضة أثر حرب 56 فقد طوقت الشرطة المنزل الذي أقيم فيه الاحتفال واعتقلت نحو 41 من المشاركين ليمضوا 17 يوماً في سجن الرمل.ويحاول أن يعرض لإنشاء الفرقة القومية الاجتماعية المسرحية وأعمالها والتي لم يؤرخ لها أحد مقدماً فكرة موجزة عنها وأعمالها وأسماء الأوائل الذين انتسبوا إليها وكانوا نواتها الفاعلة.ثم ينتقل غسان عز الدين إلى تناول مرحلة العمل السري للحزب السوري القومي الاجتماعي من 1962 إلى 1969. ويحرض المؤلف هنا على الإشارة إلى أن ما يقدمه ليس عملية توثيق رسمية وإنما تختزنه الذاكرة عن بعض الأحداث والمواقف وأنه لذلك لن يعتمد التسلسل الزمني بل أبواباً تحت عناوين متنوعة.وفي سياق تناوله لهذه الفترة من وحي الذاكرة يشير إلى أنه قبل عام 1962 لم يتسلم أية مسؤولية حزبية في مجال العمل والشؤون والعلاقات السياسية، كما أنه لم يكن قد مارس كتابة المقالات السياسية. وبعد فشل المحاولة الانقلابية في آخر يوم من عام 1961 تسلم مسؤولية مفوض عام لبنان ووجد نفسه أمام مسؤوليات لم يمارسها من قبل ومنها القيام بنشاطات وبناء علاقات سياسية إضافة إلى كتابة مواضيع سياسية، وهي الموضوعات التي يعيد نشر البعض منها في ثنايا الكتاب.ويخصص المؤلف بعد ذلك قسماً يستعرض فيه جانباً من عناوين وأقوال الصحف عن تلك الفترة 1962-1969 وهو الجزء الذي يستغرق مساحة كبيرة من الكتاب تصل إلى أكثر من مئة صفحة. ثم ينتقل المؤلف إلى عرض بعض مواقفه من الأحداث الحزبية الداخلية من خلال المؤسسات الحزبيو العليا يعرب فيها عن قناعاته ومواقفه المبدئية من تلك الأحداث واقتراحاته لمعالجتها.ثم يتطرق إلى قضية العفو وتداعياته فيعرض لمساعي العفو العام عن السوريين القوميين الاجتماعيين المحكومين عن أعمال المحاولة الانقلابية التي جرت ليل 30 أكتوبر 1961. ووما ينقله في هذا الشأن عن مذكرات الأمين عبد الله سعادة أن صراع القوى اللبنانية الحادة وطغيان المد الماركسي في كل أشكاله وتداخل الصراع الدولي الغربي والسوفييتي في المنطقة كلها ساعدت السلطة على إعادة النظر بأمر الحزب واستنساب عودته إلى الحرية والنشاط وعله يكون عنصراً مساعداً في هذا الصراع. ويشير إلى الجدل الذي دار حول من يتم العقو عنهم وهل يشمل العسكريين أن يقتصر على المدنيين فقط، وتأكيد الأكثرية على أنه تدبير إنساني يجب أن يكون شاملاً.