صيحات بعض الجموع من الناس تتعالى أمام المشفى التي تعمل بها شذى ، لرفض رجال الأمن السماح بدخول هؤلاء الناس داخل المشفى ، ليركض جميع الأطباء والعاملين بالقرب من النوافذ المطلة على بوابة المشفى لمعرفة ما يدور بالخارج ، لتقف شذى بدورها أمام إحدى النوافذ لترى ما يحدث. - شكل كدة الايام الجاية على البلد ديه أيام مش لطيفة! - دكتور سمير ...
قراءة الكل
صيحات بعض الجموع من الناس تتعالى أمام المشفى التي تعمل بها شذى ، لرفض رجال الأمن السماح بدخول هؤلاء الناس داخل المشفى ، ليركض جميع الأطباء والعاملين بالقرب من النوافذ المطلة على بوابة المشفى لمعرفة ما يدور بالخارج ، لتقف شذى بدورها أمام إحدى النوافذ لترى ما يحدث. - شكل كدة الايام الجاية على البلد ديه أيام مش لطيفة! - دكتور سمير !! - آه sorry ، ازيك يا شذى ، فجأتك ، أنا آسف على قلة الذوق دية مني ، بس ده الشباك الوحيد اللي لاقيته فاضي أدامي الباقي كله الممرضين والممرضات واقفين أدامه زي اللي كأنهم بيتفرجوا على سيرك ، أعمل إيه بقا جيت وقفت جمبك من غير ماخد بالي منك ، آسف مرة تانية.- لا آسف على إيه يا دكتور!؟ العفو مفيش أي حاجة.هو في إيه بيحصل تحت!؟ - مفيش يا دكتورة ، كل الموضوع حتة دكتور امتياز هلفوت لسه مطلعش من البيضة طلع بيتاجر في الأعضاء البشرية ، كان بيعمل عملية الزايدة لطفل عنده 14 سنة قام شادد بالمشرط كم سنتيمتر كمان كدة في بطن الولد وراح مستئصل منه الكلي.- إيه ده !!! ده الكلام ده عندنا هنا في المستشفى!!؟ - أها. - ومين الناس دول!!؟ - دول أكيد اهل وجيران الولد صاحب العملية المنكوبة دية.- هو ازاي في ناس بتعمل كدة!؟ الحيوان ده المفروض ياخد إعدام وفي ميدان عام كمان ، عشان يكون عبرة لغيره.- طب بصى.. بصي وركزي ، وبعدين حقولك أنا حياخد إيه! عربتان شرطة وعربة "Mercedes" سوداء تسير خلفهم ، لتقف عربات الشرطة وسط الأهالي الغاضبة ويدلف منها بعض من العساكر وأمناء الشرطة لفض ما يحدث بالعنف ، ولكن ما أن رأى الأهالي عربات النجدة حتى هموا بالفرار ، ليدلف شاب في أواخر الثلاثينات مرتدياً نظارة شمس سوداء "reyban" وبذة مهندمة من العربة الـ "Mercedes" ليمسك مرة واحدة بيد أحد الذين يحاولون الفرار ، مائلآ عليه سائلاً إياه عن شيء ما!؟, ليجيب الرجل مشيراً بيده باتجاه رجل وامرأة يجلسان على الرصيف ينحبان بتوجع وألم ، ليتركه الرجل ذو البذة المهندمة ويسير في اتجاه المرأة والرجل ، ليمسك بيديه مساعداً إياه على القيام من مجلسه ، واضعاً يده حول كتفيه مخرجاً سيجارة من علبته الـ"Marlboro" ليناوله إياها ويشعلها له ومن ثم يميل بفمه على أذنيه مهمهماً ببعض الكلمات التي جعلت الرجل يقف مكانه كالصنم ناظراً إلى الأرض نظرة أسى ممزوجة بازبهلال ، لما سمع من كلمات هذا الرجل ، أخرج كارت من بذته ووضع إياه في جيب جلباب هذا التعيس ، ومن ثم يرتب على كتفيه في هدوء تاركاً إياه يستقل سيارته الفخمة ، ويظل الآخر واقفاً مكانه في حالة من الذهول لا يحرك ساكناً ، ليلتف مرة واحدة سائراً تجاه زوجته التي تجلس على الرصيف تنحب مهتزة يميناً ويساراً محاولة استجداء رحمة الله لها ، ليمد يده لها مساعداً إياها على القيام ، واضعاً يدها على كتفيها وآخذا يسيران في هدوء. - وبكدة نقدر نقول يا دكتور شذى "the end" - "the end"!!! يعني إيه يا دكتور سمير مش فاهمة!؟ - يعني الموضوع انتهى خلاص ، الراجل والست الغلابة دول اللي هما أب و ام الولد الفقر كسرهم.! والراجل أبو بدلة محترمة أو شيك جداً ، استغل الموضوع ده وحيراضيهم ويشتري سكوتهم بكام ألف جنيه ، رجل أعمال صغير وذكي ، وأهل الولد حيقبلوا طبعاً عشام كوم اللحم اللي مستنيم في البيت ، وبكدة الراجل المحترم استفاد وأهل الولد استفادوا هما كمان وعندنا كمان جزار برتبة دكتور طليق ، إيه رأيك في النهاية السعيدة ديه!؟ ، نهاية أرضت جميع الأطراف - نهاية سعيدة!!!! ، نهاية إزاي يا دكتور!؟ طب والولد !؟- الولد ضحية جديدة من ضحايا مجتمع أثبت الفشل بنجاح مطلق ، هاهاها ، ولد مين يا دكتورة شذى اللي بتتكلمي عنه !؟ ، تؤتؤ ، السؤال بتاعك المفروض ميتسألش كدة ، المفروض سؤالك يكون كالآتي: الضحية اللي جاية حتكون إمتى وفين!؟ اتلى كلماته عليها ومن ثم أخذ ينظر لها نظرة سخط وغضب لما يحدث من حولهما ، تابعت هي الأخرى بنظرة ازبهلال يصاحبها فم مفتوح من الذهول ، ليتركها مديراً لها ظهره سائراً في هدوء باتجاه باب الغرفة ليقف مرة واحدة مديراً ظهره ناظراً لها مشيراً بسبابته تجاهها.- على فكرة ، جارك اللى كان عامل الحادثة كان هنا الصبح بيفك جبيرة الجبس اللي في رجله. لم يردف لشذى ساكناً أو تغيرت حتى ملامح وجهها ، ظلت على وضعها ليتركها دكتور سمير بصلعته وذقنه الكثيف المشذب.