إن القارئ لصفحات التاريخ التي وصفت أوضاع المجتمع الأندلسي بعد الفتح الإسلامي لن يفاجأ عندما يعلم أن العرب الفاتحين قد أحسنوا معاملة أهل الذمة من اليهود والنصارى، إذ نالت طوائفهم حريتها كاملة غير منقوصة وتحرروا من القيود التي كانت فرضت عليهم في أحوالهم الدينية والاجتماعية والشخصية، والاقتصادية. واستردوا أملاكهم التي صودرت منهم، و...
قراءة الكل
إن القارئ لصفحات التاريخ التي وصفت أوضاع المجتمع الأندلسي بعد الفتح الإسلامي لن يفاجأ عندما يعلم أن العرب الفاتحين قد أحسنوا معاملة أهل الذمة من اليهود والنصارى، إذ نالت طوائفهم حريتها كاملة غير منقوصة وتحرروا من القيود التي كانت فرضت عليهم في أحوالهم الدينية والاجتماعية والشخصية، والاقتصادية. واستردوا أملاكهم التي صودرت منهم، وكرامتهم التي كانت أهدرت، فكان من الطبيعي أن ينظر هؤلاء وأولئك بارتياح إلى الدين الإسلامي الذي يحمله العرب الفاتحون. وفى ظل هذا التسامح وتحت لواء الإسلام عاش اليهود جنباً إلي جنب مع المسلمين الفاتحين، فنعموا بخيرات هذا الفتح المبين، وأخذ عددهم يتضاعف، وصار بمقدورهم أن يتنقلوا من مدينة أندلسية إلى أخري، بعد أن تم تحديد إقامتهم في مدن بعينها على يد حكام شبه الجزيرة الأيبيرية (أسبانيا) في الماضي, وهذا ما دعى اليهود إلى الخروج من عزلتهم التي دأبوا عليها حال مجاورتهم لغيرهم من الشعوب، فأنتجوا كثيرا من المؤلفات تحاكي المؤلفات العربية، متخذين من المنهج الإسلامي سبيلا للإرتقاء بكتاباتهم، تلك الكتابات التي توجهت في المقام الأول لشرح الفكر اليهودي، الذي كان ينظر إليه اليهود نظرة تقديس لامساس به، فتسابق رجال الدين اليهودي في تنقيح كتبهم وإظهار ماغم عليهم من ألفاظ، بل وقدموا كتابا ناظروافيه مخالفيهم من المعتقدات الأخرى، هذا الكتاب هو (الخزري) أو بمنطوقه العربي (الرد والدليل في نصرة الدين الذليل) للرابي يهودا اللاوي، والذي دار في مجمله بين مفهوم الدين اليهودي بين نص موحى به وبين تصور عقلي قدمه الكاتب إلى شخصية أرادت التعرف على معتقد أحق بالإعتناق بين معتقدات مختلفه، فمالت هذه الشخصية إلى المعتقد اليهودي بعد سلسلة من الحوار. أسباب إختيار موضوع البحث:-لم يعرف اليهود كتابا تشابكت فيه مفاهيم الدين نقلا وعقلا إلا في كتاب الخزري، خاصة في تعرضه لمفاهيم مغايرة لمفهوم الدين اليهودي، مع إصطناع أسئلة إفتراضية تصب في مجملها نيلا من المفاهيم المغايرة، فكان من الواجب تسليط الضوء على هذا الكتاب ومناقشة الأفكار الواردة فيه بشكل تحليلي يقدم للقارئ رؤية واضحة لمفهوم الدين اليهودي مابين نص العهد القديم ورؤية اليهود من خلال التفاسير والشروح، إلى جانب تحليل الحوار الدائر بين الكاتب وشخصية ملك الخزر، وفي سبيل ذلك سوف أستخدم المنهج التحليلي. وفي هذا البحث سنتناول الحديث بشيء من الإيجاز لنقاط منها :-• التعريف بمؤلف كتاب الخزري (مولده وحياته)، البيئة المحيطة لمؤلف هذا الكتاب - مؤلفات اليهود المكتوبة باللغة (العربية اليهودية) - مفاهيم الدين في كتاب الخزري- مفهوم الدين عند بني إسرائيل من خلال الوحي والتصور الإنساني - ديانة بني إسرائيل (الوحي) المرحلة الأولى - دين اليهودية (التصور الإنساني) مرحلة ثانية - التصور الإنساني في تدوين العهد القديم - الدين ينقسم إلى (إلوهية - تشريعات) - أولا الإلوهية عند بني إسرائيل والترتيب الزمني للمسميات الدالة على الإله، وجوب منع استخدام لفظ( الله) للدلالة على لفظ رب في النصوص غير العربية - لفظ الجلالة و الأسماء الحسنى في كتاب الخزري - ثانيا التشريعات في كتاب الخزري - التشريع بين الوحي والتصور الإنساني - التشريع بالوحي (مرحلة أولى) - التشريع بالتصور الإنساني (مرحلة ثانية) التصور الإنساني القويم يؤدي إلى التصديق بالوحي، وفي خاتمة البحث سيقدم الباحث أهم ماتوصل إليه الباحث من خلال ماتقدم. • وتجدر الإشارة هنا إلى أن البحث يتناول فقط المقالة الأولى من كتاب الخزري.