يستطيع الإنسان أن يعبر بعدة وسائل عن الأشياء التي تراود فكره كما يستطيع أن يعبر بالكلام كما بالسكوت كما بالنظر كما بالحضور كما بالغياب....و ربما التعبير بالغياب له دلالات أكثر من التعبير بالحضور. و ربما التعبير بالسكوت له دلالات أكثر من التعبير بالكلام.فالأديب يعبر بأدبه فتجد في الأحرف و الكلمات و بين السطور ما يريد أن يوصله إلى...
قراءة الكل
يستطيع الإنسان أن يعبر بعدة وسائل عن الأشياء التي تراود فكره كما يستطيع أن يعبر بالكلام كما بالسكوت كما بالنظر كما بالحضور كما بالغياب....و ربما التعبير بالغياب له دلالات أكثر من التعبير بالحضور. و ربما التعبير بالسكوت له دلالات أكثر من التعبير بالكلام.فالأديب يعبر بأدبه فتجد في الأحرف و الكلمات و بين السطور ما يريد أن يوصله إلى القارئ و ربما ما لا يستطيع أن يقوله مباشرة للناس.و الشاعر يعبر بشعره فتجد في الكلمات التي رتبها و في القصيد الذي نظمه و بين الأبيات المنتهيات بقافية ما يريد أن يوصله إلى القارئ و ربما ما لا يستطيع أن يقوله مباشرة للناس .و كذلك الرسام والمصور والنحات والفنان والممثل والمسرحي وآخرون كلٌ يعبر بوسائله وهو بطريقته وفي عمله يعبر و هو سعيد بذلك .و كم من أناس عبروا و ما خافوا و رغم ما وصلهم من ظلم و تهديد واصلوا الطريق و ما توقفوا لأنهم يؤمنون أن السيوف و الرماح و النبال في القديم ثم الرصاص والرشاشات و القنابل اليوم هي أسلحة تسيل الدماء و تَقطع الرؤوس لكنها ليست أقوى و أجدى من الكلمات التي تُذهب العقول الظالمة و تُتعب القلوب الجائرة و تَجمع الشعوب الحائرة و تُنير الطريق أمام الأيادي الثائرة.لا أستطيع أن أقول أنني شاعر بل ربما قارئ وفي للشعر و للكتاب و ربما أستطيع أن أقول أن لدي بعض الهوس الذي يصيب الشعراء فالشخص الذي يقوم في الليل من نومه ليكتب بعض الكلمات ثم يقرأها فيجدها قد أصبحت كالأبيات متأثرة بما كان و فات فيضيف لها من أحاسيسه ما يجعل منها قصيدة تطرب الفتيان و الفتيات.إن الشخص الذي يقرأ للأحياء و الأموات يتعلم منهم فنون الشعر و الصلوات و يأخذ منهم عبارات الحب و الكلمات و أساليب الود و الحسنات و طرق النضال بالمقالات, إن هذا الشخص قد سأل نفسه لماذا يكتب الأشعار؟ فأجاب انه ليس هو من اختار بل وجد نفسه يعبر عن ما يراه و يسمعه في كل مكان حتى انه يكتب وهو في القطار أو في المقهى أو في البحر..., إن الأحاسيس و المشاعر تجاه بعض المشاكل في الحياة كالظلم و الفقر و القهر و الإهانات و رؤية المساكين, الحفاة, العراة, إن هته الأحاسيس و المشاعر لا يستطيع احد أن يكبتها و يضعها في زجاجة أو ثلاجة أو يسجنها بين القضبان و الجدران.إن هته الأحاسيس و المشاعر هي التي تدفعك إلى التعبير. فالعقل إن كان يفكر سينفجر دون تحذير و القلب إن صبر كثيرا فهو لا يهوى فن التخدير. و إن نحن كنا ضيوفا على الأرض و سنتركها بإرادة رب السماوات فلنترك للجيل الحاضر و القادم بعض الأشعار و الكلمات.